في السنوات الأخيرة، تحوّل تطبيق "تيك توك" من مجرد منصة لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة إلى ساحة كبيرة لصناعة المحتوى والربح المادي. ومع تزايد عدد المستخدمين في مصر، ظهر جيل جديد من المشاهير الذين استطاعوا تحقيق أرباح كبيرة من خلال نشاطهم على المنصة. ورغم أن الكثيرين يعتقدون أن هذه الأرباح تأتي بسهولة، إلا أن وراءها استراتيجيات، ومجهودات، وأسرار لا يعرفها سوى من يخوض التجربة فعليًا.
منذ إطلاقه عالميًا عام 2016، وبدخوله السوق المصري بشكل قوي في عام 2019، بدأ "تيك توك" في جذب ملايين المستخدمين من مختلف الأعمار. المحتوى السريع، والتأثيرات البصرية، والموسيقى الجذابة، كانت من أبرز عوامل انتشار التطبيق. ومع زيادة الإقبال، وجد صانعو المحتوى فرصة ذهبية لبناء قاعدة جماهيرية واسعة.
في مصر، بات هناك مشاهير يمتلكون ملايين المتابعين، وتجاوزت مشاهدات مقاطعهم حاجز المليارات، ما جعلهم محط أنظار الشركات والعلامات التجارية التي ترغب في الترويج لمنتجاتها عبر محتوى جذاب ومؤثر.
الأرباح التي يحققها هؤلاء المشاهير لا تأتي من مصدر واحد فقط، بل من عدة قنوات يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
وفرت المنصة برنامجًا خاصًا لدعم المبدعين المؤهلين، حيث يحصلون على أرباح بناءً على عدد المشاهدات والتفاعل على مقاطعهم. ورغم أن العائد لكل مشاهدة ليس كبيرًا، إلا أن الأرقام الكبيرة للمشاهدات تجعل الدخل الشهري مجزيًا.
تعتبر الإعلانات المدفوعة من الشركات واحدة من أكبر مصادر الدخل. تقوم العلامات التجارية بالتعاقد مع صناع المحتوى لتقديم منتجاتهم أو خدماتهم في مقاطع فيديو مبتكرة تتماشى مع أسلوبهم.
البث المباشر على تيك توك يفتح بابًا آخر للربح، حيث يمكن للمتابعين إرسال هدايا افتراضية يتم تحويلها لاحقًا إلى أموال حقيقية. بعض المشاهير يحققون آلاف الجنيهات من جلسة بث واحدة.
بعض المؤثرين يبرمون عقودًا طويلة مع علامات تجارية معينة ليكونوا سفراء لها، وهو ما يضمن دخلًا ثابتًا على مدار أشهر أو سنوات.
الوصول إلى هذه المرحلة لا يحدث بين ليلة وضحاها. المشاهير على تيك توك يبذلون جهدًا كبيرًا في:
اختيار فكرة مبتكرة للمحتوى: المحتوى الذي يجذب الانتباه ويحقق انتشارًا واسعًا غالبًا ما يكون جديدًا أو يقدم فكرة مألوفة بأسلوب مختلف.
المحافظة على التفاعل: الرد على التعليقات، والتفاعل مع المتابعين، وبناء علاقة مباشرة معهم يزيد من الولاء والمشاهدات.
الاستمرارية: النشر المنتظم وفق خطة زمنية محددة.
تحسين جودة التصوير والإضاءة: كلما كان الفيديو أكثر احترافية، زادت فرص انتشاره.
تتفاوت أرباح مشاهير تيك توك في مصر بشكل كبير. البعض قد يحقق بضعة آلاف من الجنيهات شهريًا، بينما تصل أرباح آخرين إلى مئات الآلاف. يعتمد ذلك على حجم المتابعين، وعدد المشاهدات، وطبيعة المحتوى، وكذلك على مهارة المؤثر في استغلال الفرص الإعلانية.
على سبيل المثال، صانع محتوى يملك مليون متابع وينشر مقاطع تحصد ملايين المشاهدات، قد يحصل على عقود إعلانية تتجاوز قيمتها 50 ألف جنيه في الحملة الواحدة، بالإضافة إلى أرباح البث المباشر والهدايا.
نوعية المحتوى تلعب دورًا كبيرًا في تحديد مستوى الأرباح. المحتوى الترفيهي الخفيف قد يجذب مشاهدات ضخمة، لكن المحتوى المتخصص (مثل الجمال، الرياضة، أو التكنولوجيا) قد يجذب علامات تجارية مستعدة لدفع مبالغ أكبر مقابل استهداف جمهور محدد.
رغم الأرباح الكبيرة، إلا أن العمل كمؤثر على تيك توك ليس خاليًا من التحديات:
المنافسة الشديدة: مع دخول آلاف المستخدمين الجدد يوميًا، يصبح الحفاظ على الصدارة أمرًا صعبًا.
تغير خوارزميات المنصة: أي تعديل في طريقة عرض المحتوى قد يؤثر على نسب المشاهدة.
التعرض للانتقادات: كلما زادت الشهرة، زادت الانتقادات والهجمات الإلكترونية.
الضغط النفسي للحفاظ على النجاح: الحاجة المستمرة لتقديم محتوى جديد قد تسبب إرهاقًا ذهنيًا.
لضمان الاستمرارية وزيادة الأرباح، يعتمد المؤثرون الناجحون على استراتيجيات مدروسة، منها:
تنويع مصادر الدخل: عدم الاعتماد فقط على تيك توك، بل استخدام منصات أخرى مثل إنستجرام ويوتيوب.
التطوير المستمر للمحتوى: البحث عن أفكار جديدة وتحسين الإنتاج.
بناء علامة شخصية قوية: أن يصبح اسم المؤثر نفسه علامة تجارية يمكن استغلالها في مجالات أخرى.
التعاون مع مؤثرين آخرين: لزيادة الوصول إلى جماهير جديدة.
مع استمرار نمو عدد مستخدمي تيك توك في مصر والمنطقة، يتوقع الخبراء أن تتضاعف الفرص الربحية في السنوات القادمة. كما أن الشركات باتت ترى في المؤثرين قناة تسويقية فعّالة، ما يعني زيادة في حجم الاستثمارات الموجهة لهذا المجال.
ومع دخول تقنيات جديدة مثل الواقع المعزز (AR) والذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى، قد تتطور أساليب الربح وتظهر فرص جديدة أكثر إبداعًا وربحية.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
