تُعد اللحوم الحمراء أحد المكونات الأساسية على المائدة المصرية، خاصة مع ارتباطها بالعادات الغذائية والمناسبات الاجتماعية، غير أن ارتفاع أسعارها المتكرر أصبح يشكل عبئًا متزايدًا على ميزانيات الأسر. ومع بداية تعاملات اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025، زاد اهتمام المواطنين برصد أسعار اللحوم بأنواعها في الأسواق، وسط ترقب لتغيرات جديدة قد تحدث في ظل استمرار الارتفاع في تكاليف الإنتاج، وأسعار الأعلاف، والنقل، والرسوم الجمركية على الواردات.
تشير المؤشرات الحالية إلى حالة من الاستقرار النسبي في بعض أنواع اللحوم، بينما سجلت أنواع أخرى زيادات ملحوظة، أبرزها لحوم الكندوز، التي وصلت في بعض المناطق إلى 360 جنيهًا للكيلو، ما جعل الكثير من الأسر تعيد حساباتها بخصوص حجم الاستهلاك، وتلجأ إلى بدائل غذائية أقل تكلفة أو تحد من الكميات التي يتم شراؤها أسبوعيًا.
وفي هذا التقرير نستعرض التفاصيل الكاملة لأسعار اللحوم اليوم في الأسواق، ونحلل أسباب التغييرات الحالية، ونتناول آراء الجزارين والمستهلكين، كما نستعرض التحركات الحكومية المتعلقة بدعم السوق وضبط الأسعار، ونرصد التوقعات للفترة المقبلة.
شهدت أسواق اللحوم في القاهرة وعدد من المحافظات تفاوتًا ملحوظًا في الأسعار بحسب المنطقة وطبيعة العرض والطلب. وفيما يلي متوسط الأسعار المسجلة اليوم:
سعر كيلو الكندوز البلدي: تراوح بين 340 إلى 360 جنيهًا في المناطق الراقية، بينما انخفض قليلًا في بعض المناطق الشعبية ليسجل 330 جنيهًا.
سعر كيلو الضأن البلدي: سجل اليوم بين 360 إلى 380 جنيهًا للكيلو، حسب جودة الذبيحة وطريقة الذبح.
سعر كيلو اللحم الجملي: تراوح ما بين 270 إلى 290 جنيهًا، مع استمرار الإقبال عليه كخيار أقل تكلفة.
سعر كيلو الكبدة البلدي: بلغ ما بين 380 إلى 400 جنيهًا.
سعر كيلو البتلو: قفز إلى 420 جنيهًا في بعض المناطق الراقية، بسبب محدودية المعروض وزيادة الطلب.
ويلاحظ أن الأسعار تختلف بين المجمعات الاستهلاكية والأسواق المفتوحة، كما أن العروض التجارية لبعض السلاسل الكبيرة لا تعكس دائمًا متوسط السوق، بل تقدم أسعارًا ترويجية مؤقتة.
تُعد أسباب ارتفاع أسعار اللحوم متعددة ومتشابكة، ويُمكن تلخيص أبرزها في النقاط التالية:
الجزء الأكبر من تكلفة تربية الماشية يعود إلى أسعار العلف، والتي شهدت ارتفاعات غير مسبوقة نتيجة تقلبات الأسواق العالمية، وأزمة سلاسل الإمداد، مما أثر مباشرة على تكلفة الإنتاج.
يُعاني سوق الثروة الحيوانية المحلي من ضعف واضح في الإنتاج مقارنة بالاستهلاك، ما يدفع الأسواق للاعتماد على الواردات، وبالتالي التأثر بأسعار العملات وتكاليف الشحن والرسوم الجمركية.
التغيرات الأخيرة في أسعار الوقود، خاصة السولار، ساهمت في زيادة تكاليف نقل اللحوم من المجازر إلى الأسواق، ما انعكس على السعر النهائي للمستهلك.
بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال أشهر الصيف، وزيادة الضغط على المزارع الصغيرة، شهدت بعض المناطق معدلات فقد عالية، ما قلل من حجم المعروض ورفع الأسعار.
يرى عدد من الجزارين أن الأسعار المرتفعة الحالية خارجة عن إرادتهم، إذ أن هوامش الربح لم ترتفع كما يتصور البعض، بل انخفضت في بعض الحالات نتيجة ارتفاع التكلفة العامة للشراء والتشغيل، من إيجارات المحلات وفواتير الكهرباء والمياه والضرائب.
أما أصحاب المزارع، فقد أكدوا أن استمرار ارتفاع مدخلات الإنتاج، وعلى رأسها الأعلاف والأدوية البيطرية، دفع كثيرين منهم إلى تقليص حجم التربية، ما يهدد بتراجع المعروض بشكل أكبر خلال الأشهر المقبلة، ما لم يتم تقديم دعم مباشر أو تدخل تنظيمي فعال.
أسعار اللحوم المرتفعة أثرت بوضوح على سلوك المستهلكين. ففي العديد من المناطق، تراجعت الكميات التي يتم شراؤها، وأصبح الاعتماد الأكبر على اللحوم المجمدة أو البدائل الأرخص مثل الدواجن، أو الاستغناء عنها تمامًا في بعض الأيام.
وتُظهر استطلاعات محدودة للرأي في بعض الأسواق أن نسبة كبيرة من المستهلكين تقوم الآن بشراء نصف كيلو فقط أو ربع كيلو من اللحوم أسبوعيًا، أو الاقتصار على شراء الكبدة أو المفروم لاستخدامه في أكثر من وصفة لتقليل التكلفة.
تسعى الحكومة بشكل مستمر إلى التدخل لضبط السوق، سواء عبر استيراد لحوم مجمدة من دول متعددة بأسعار أقل، أو من خلال التوسع في المجمعات الاستهلاكية التي تطرح لحومًا مدعومة.
وتشمل هذه الجهود أيضًا:
تكثيف الرقابة على الأسواق لمنع الغش التجاري واحتكار اللحوم.
دعم المزارع الصغيرة من خلال قروض منخفضة الفائدة.
إطلاق مبادرات لتحديث أساليب التربية وزيادة الإنتاج المحلي.
التوسع في الشراكات مع دول إفريقية لاستيراد اللحوم الحية بتكاليف أقل.
وفقًا لمتابعة السوق، فإن التوقعات تشير إلى استمرار الأسعار في مستوياتها الحالية خلال بداية أغسطس، خاصة في ظل زيادة الطلب المرتقبة مع اقتراب موسم الدراسة وتحضيرات الأسر المصرية للعودة المدرسية.
وقد ترتفع الأسعار بشكل محدود إذا لم يتم التوسع في الاستيراد أو زيادة المعروض المحلي، خصوصًا في ظل تقلبات أسعار الأعلاف العالمية، والمخاوف من استمرار الجفاف في بعض الدول المصدّرة للحوم.
مع استمرار الأسعار في مستويات مرتفعة، يُمكن للمستهلكين اتباع عدد من الخطوات لتقليل الأعباء دون التأثير على القيمة الغذائية، منها:
التوجه إلى المجمعات الاستهلاكية وشراء اللحوم المدعومة عند توفرها.
تقليل عدد الوجبات التي تعتمد على اللحوم الحمراء أسبوعيًا.
تنويع مصادر البروتين بين اللحوم البيضاء، والبقوليات، والبيض.
الاعتماد على الشراء المجمع من الجزارين المعروفين للحصول على خصومات.
تشهد اللحوم المجمدة، سواء المحلية أو المستوردة، إقبالًا متزايدًا من المستهلكين الباحثين عن بدائل بأسعار أقل. وسجلت اللحوم المجمدة اليوم الأسعار التالية:
كيلو اللحوم البرازيلية المجمدة: بين 180 و200 جنيه.
كيلو الكبدة المجمدة: ما بين 170 إلى 190 جنيهًا.
كيلو اللحم السوداني المجمد: سجل حوالي 220 جنيهًا.
ورغم أن هذه الأنواع تختلف في المذاق والجودة عن اللحوم الطازجة، إلا أنها تُعد حلًا مؤقتًا عمليًا للكثير من الأسر في ظل ارتفاع أسعار اللحوم البلدية.
استطلعنا آراء بعض المواطنين داخل الأسواق، حيث أكد العديد منهم أن اللحوم أصبحت رفاهية لا يستطيع الجميع تحملها أسبوعيًا. البعض أشار إلى أنه يشتري كميات صغيرة جدًا لاستخدامها في تحضير أكلات محدودة، بينما أكد آخرون أنهم لم يشتروا لحومًا منذ بداية الشهر، ويعتمدون على الدواجن والبقوليات بشكل أساسي.
ورغم التفاوت في الآراء، كان هناك إجماع على ضرورة تدخل الدولة بشكل أكثر فاعلية لضبط السوق، خاصة في ظل تأثير اللحوم على صحة الأسرة، وكونها عنصرًا رئيسيًا في النظام الغذائي.
تشير بيانات اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 إلى أن أسعار اللحوم، وعلى رأسها الكندوز، ما تزال مرتفعة رغم محاولات التوازن في الأسواق. هذا الوضع يعكس تحديات حقيقية تواجهها منظومة الثروة الحيوانية في مصر، سواء من حيث الإنتاج أو الاستيراد.
وفي الوقت الذي تحاول فيه الدولة تخفيف العبء عن المواطنين من خلال المجمعات الاستهلاكية والعروض الترويجية، يبقى على المستهلك أن يكون أكثر وعيًا في قرارات الشراء، وعلى المنتجين العمل على رفع الكفاءة وتقليل التكاليف قدر الإمكان. وحتى تظهر نتائج هذه الجهود، تظل اللحوم الحمراء سلعة تتطلب إعادة تقييم دورها في حياة المصريين من منظور اقتصادي وغذائي.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
