مرض السكر، أو ما يُعرف بـ"القاتل الصامت"، لا يُصيب الجميع بنفس الطريقة. فالنساء تحديدًا قد يعانين من أعراض خفية وغير معتادة، ما يجعل اكتشاف المرض في مراحله المبكرة أكثر صعوبة. هذه الأعراض لا تُشبه العلامات الشائعة مثل العطش الشديد أو التبول المتكرر فحسب، بل تمتد لتشمل تغييرات في الجسم والمزاج والهرمونات، مما قد يُربك تشخيص الحالة ويؤخر العلاج.
إن تجاهل هذه العلامات قد يُؤدي إلى تفاقم المرض ومضاعفاته الخطيرة على القلب، الكلى، النظر، والخصوبة. لذلك من الضروري التوعية والتعرف على هذه الإشارات التي قد تُنذر بوجود اضطراب في مستويات السكر في الدم، خصوصًا لدى النساء.
من أكثر الأعراض الخفية شيوعًا لدى النساء المصابات بمرض السكر هي العدوى الفطرية المتكررة، خاصة في المهبل والمثانة. ارتفاع مستويات السكر في الدم يُوفر بيئة خصبة لنمو الفطريات، مما يؤدي إلى:
حكة شديدة
إفرازات غير معتادة
ألم أو حرقة أثناء التبول
التهابات متكررة رغم العلاج
إذا كانت هذه الأعراض تظهر بشكل متكرر، فقد تكون مؤشرًا على وجود خلل في مستويات الجلوكوز.
تُعاني بعض النساء من جفاف الجلد غير المبرر، خاصة في الأطراف، وقد تُصاحبه حكة مزعجة. يعود ذلك إلى:
نقص الترطيب الطبيعي للبشرة بسبب ارتفاع السكر
ضعف الدورة الدموية
تأخر التئام الجروح أو التشققات
هذا العرض قد يبدو بسيطًا لكنه يُشير إلى بداية اضطرابات في الأوعية الدموية الدقيقة، وهو من العلامات المبكرة لمرض السكر.
فقدان الوزن غير المبرر من المؤشرات التي يجب التوقف عندها، خاصة عند النساء اللواتي لا يتبعن نظامًا غذائيًا محددًا. يحدث ذلك بسبب:
عدم قدرة الجسم على استخدام الجلوكوز كمصدر للطاقة
لجوء الجسم لحرق الدهون والعضلات لتعويض الطاقة
فقدان السوائل بسبب التبول الزائد
رغم أن البعض قد يعتبره عرضًا إيجابيًا، إلا أنه في الحقيقة تحذير صحي خطير.
الإرهاق المستمر دون سبب واضح قد يكون من الأعراض الأولية الصامتة، نتيجة:
ضعف قدرة الخلايا على امتصاص السكر
اختلال في توازن الطاقة داخل الجسم
اضطرابات النوم المرتبطة بتقلبات السكر
وغالبًا ما يُصاحب التعب صعوبة في التركيز الذهني وتقلبات مزاجية غير مفسّرة.
واحدة من العلامات التي تُصيب النساء وتُهمل أحيانًا هي عدم وضوح الرؤية أو الشعور بضبابية مفاجئة. هذا يعود إلى:
تأثر عدسة العين بارتفاع السكر
تراكم السوائل داخل أنسجة العين
بداية اعتلال شبكية غير مُكتشف
وغالبًا ما تتحسن الرؤية مع ضبط مستوى السكر، لكن تجاهلها قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل فقدان البصر.
اضطرابات السكر قد تؤثر على الهرمونات التناسلية لدى النساء، ما يؤدي إلى:
دورات شهرية غير منتظمة
ضعف الإباضة
صعوبة في الحمل
أعراض تشبه تكيس المبايض
في بعض الأحيان، يكون مرض السكر هو السبب الخفي وراء تأخر الإنجاب أو اضطراب الدورة الشهرية.
تُعاني بعض النساء من جروح تستغرق وقتًا طويلًا للشفاء، حتى وإن كانت بسيطة. ذلك بسبب:
ضعف الدورة الدموية
ضعف المناعة المرتبط بارتفاع السكر
زيادة فرص العدوى الموضعية
بطء التئام الجروح، خاصة في القدمين أو الساقين، يُعد من العلامات التي لا يجب تجاهلها.
بينما يُعد التبول المتكرر أحد الأعراض المعروفة لمرض السكر، إلا أن زيادة مرات التبول ليلًا لدى النساء قد تُهمل في التشخيص، حيث تُنسب غالبًا لأسباب أخرى. هذا العرض يُشير إلى:
ارتفاع السكر في الدم يتخطى عتبة الكلى
إفراز السكر في البول وسحب الماء معه
فقدان سوائل مستمر يؤدي للعطش الشديد
يجب الانتباه إلى هذا النمط إذا كان جديدًا ومستمرًا.
قد يبدو الأمر غير مرتبط، لكن بعض النساء يُلاحظن تغيرًا مفاجئًا في الرغبة الجنسية، إما بالزيادة أو النقصان، نتيجة:
تأثير السكر على الأعصاب الحسية
التهابات مزمنة في المناطق التناسلية
اضطراب في المزاج والطاقة
الوعي بهذه التغيرات ومناقشتها مع الطبيب قد يُساعد في الكشف المبكر عن اضطرابات السكر.
الشعور بـ تنميل أو وخز في اليدين أو القدمين يُعد من العلامات العصبية المرتبطة بمرض السكر، ويحدث بسبب:
تلف الأعصاب الطرفية الناتج عن ارتفاع السكر
ضعف تدفق الدم للأطراف
بداية اعتلال أعصاب سكري
الاستمرار في تجاهل هذا العرض قد يؤدي إلى فقدان الإحساس أو قرح القدم السكرية.
يرجع هذا الاختلاف إلى:
تأثير الهرمونات الأنثوية على التمثيل الغذائي
وجود اختلافات في تكوين الدهون وتوزيعها
الحمل والدورة الشهرية وتأثيرهما على سكر الدم
تأخر تشخيص السكر من النوع الثاني بسبب خفاء الأعراض
هذه العوامل تجعل رصد المرض أكثر صعوبة لدى النساء، لذا فإن الوعي المبكر ضروري.
تُنصح النساء بإجراء تحليل السكر في الحالات التالية:
وجود تاريخ عائلي للمرض
زيادة الوزن مع قلة النشاط البدني
ظهور الأعراض السابقة
التخطيط للحمل
بعد سن 35 عامًا، حتى دون أعراض
الكشف الدوري يُساعد في تجنب مضاعفات خطيرة ويُمكّن من ضبط المرض مبكرًا.
إن أعراض مرض السكر لدى النساء قد لا تكون صارخة، لكنها تحمل في تفاصيلها إنذارًا مهمًا لا يجب تجاهله. سواء كانت التهابات متكررة، إرهاق غامض، أو تغيرات في الدورة، فإن كل هذه الإشارات تستحق الفحص والمتابعة.
الصحة ليست مجرد غياب المرض، بل وعي دائم بالتغيرات التي يرسلها الجسم. والانتباه لهذه الأعراض الخفية قد يكون هو الفارق بين اكتشاف مبكر يُنقذ الصحة، وتأخر في التشخيص يُعرض الحياة للخطر.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt