في واقعة جديدة تفتح باب الجدل حول طبيعة المحتوى المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي، داهمت الأجهزة الأمنية فجر اليوم السبت 2 أغسطس 2025 منزل البلوجر الشهيرة المعروفة باسم «أم مكة» بمنطقة شبرا الخيمة، بمحافظة القليوبية، حيث تم التحفظ على عدد من معدات التصوير والهواتف المحمولة وكاميرات الفيديو والحواسيب الشخصية، بالإضافة إلى بعض الأدلة الرقمية المتعلقة بمحتوى قناتها على منصات الفيديو.
التحرك الأمني جاء في ضوء ما تم تداوله مؤخرًا من شكاوى ومطالبات بالتحقيق في المحتوى الذي تبثه «أم مكة»، والذي يُتهم من قبل البعض بأنه يحتوي على إساءة للقيم الأسرية المصرية، واستغلال للأطفال من أجل تحقيق ربح مادي عبر السوشيال ميديا. وبحسب مصادر أمنية، فإن المداهمة تمت بعد استصدار إذن من النيابة العامة، التي أمرت ببدء التحقيق في الواقعة والتحفظ على كل ما له علاقة بالنشر الرقمي الذي تقوم به البلوجر.
وتأتي هذه الواقعة ضمن سلسلة من التحركات الحكومية الأخيرة لضبط المحتوى الإلكتروني ومراقبة التجاوزات المتكررة على منصات التواصل الاجتماعي.
فجر السبت، تحركت قوة أمنية من مباحث الإنترنت ومباحث الآداب بالتعاون مع شرطة شبرا الخيمة، إلى عقار تقطن فيه البلوجر «أم مكة» برفقة زوجها وأبنائها، حيث تم تنفيذ المداهمة بشكل مفاجئ بعد رصد وتتبع لعدة أسابيع.
3 كاميرات احترافية.
هواتف محمولة تستخدم في البث المباشر.
ميكروفونات عالية الحساسية.
إضاءة تصوير.
لابتوب يحتوي على برامج مونتاج.
دفاتر خاصة بإيرادات ومتابعات منصات التواصل.
عدد من الهارد ديسكات الخارجية.
وقد تم اقتياد صاحبة القناة إلى قسم الشرطة، وجاري عرضها على النيابة لاستكمال التحقيقات.
«أم مكة» هي سيدة ثلاثينية، اسمها الحقيقي غير معلن رسميًا حتى الآن، بدأت شهرتها قبل حوالي عامين من خلال تصوير حياتها اليومية كأم لعدد من الأطفال، وتخصيص محتوى لروتين البيت، إعداد الطعام، تنظيم المطبخ، والأنشطة المنزلية مع أطفالها. ورغم أن عدد متابعيها على يوتيوب وتيك توك تخطى حاجز المليون، إلا أن كثيرًا من التعليقات مؤخرًا انتقدت ما وصفوه بـ "الاستغلال المفرط" لحياة الأطفال وتصويرهم في مواقف خاصة.
أصدرت النيابة العامة بيانًا مقتضبًا أوضحت فيه أنها تلقت بلاغات رسمية ضد البلوجر المذكورة تتعلق بـ:
استغلال الأطفال بشكل تجاري ومخالف لقانون الطفل.
نشر محتوى قد يسيء للقيم الأسرية والمجتمعية.
تحقيق أرباح إلكترونية دون إخطار الجهات الضريبية المعنية.
إدارة قنوات إلكترونية تجارية من وحدة سكنية دون ترخيص.
وقد قررت النيابة عرض الأجهزة على جهات الفحص الفني لاستخراج البيانات الرقمية وتحديد ما إذا كان المحتوى ينتهك القوانين المنظمة للنشر وحماية الطفل.
جاءت ردود الفعل متباينة بين مؤيدين ومعارضين لقرار المداهمة.
المؤيدون رأوا أن ما تقوم به بعض البلوجر أصبح يمثل تهديدًا فعليًا لقيم الأسرة المصرية، مشددين على ضرورة سن قوانين أكثر صرامة لضبط هذا المحتوى.
المعارضون اعتبروا أن الخطوة قد تمثل تقييدًا لحرية التعبير، وأن بعض المحتويات وإن كانت لا تروق للجميع، تظل في إطار الحياة الشخصية.
وأطلق عدد من المتابعين هاشتاج #ادعم_أم_مكة تضامنًا معها، بينما انتشر هاشتاج #حاسبوا_المستغلين كرد فعل غاضب من استخدام الأطفال لجذب المشاهدات.
بناءً على الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات، من المتوقع أن:
يتم عرض البلوجر على النيابة خلال 24 ساعة.
يخضع المحتوى المصور إلى مراجعة من المجلس الأعلى للإعلام.
يتم استدعاء زوجها أو المسؤول التقني عن القناة للتحقيق.
قد تصدر غرامات مالية، أو قرار بإغلاق القنوات، أو حتى إحالة الأمر لمحكمة جنح اقتصادية.
نعم، خلال العامين الماضيين، تم ضبط أكثر من 15 حالة مشابهة لبلوجرز و"فاميلي فلوجرز"، أبرزهم:
«مي وأطفالها» التي تمت إحالتها لمحكمة الأسرة بتهم استغلال قاصرين.
«منة تيك توك» التي صدر بحقها حكم بالحبس والغرامة.
«سيدة المطبخ» التي تم توقيفها بسبب محتوى خدش الحياء.
رغم وجود قانون لحماية الطفل، إلا أن التطبيقات العملية على المحتوى الرقمي لا تزال تشهد فجوة، حيث لم يُعدّل القانون بالشكل الكافي ليواكب تطور التكنولوجيا والربح الإلكتروني، وهو ما تطالب به العديد من المنظمات الحقوقية في مصر حاليًا.
وتنص المادة 291 من قانون العقوبات على أنه يُعاقب بالسجن كل من استغل طفلًا في أي أعمال من شأنها أن تضر بصحته أو سلامته أو أخلاقه، وتزداد العقوبة حال تحقيق ربح من هذا الاستغلال.
تُعتبر الأرباح الناتجة من يوتيوب أو تيك توك دخلًا تجاريًا يخضع للضرائب، ويستلزم إخطار مصلحة الضرائب به.
إدارتك لقناة بغرض الربح من داخل المنزل بدون ترخيص، يخالف القوانين المنظمة للاقتصاد غير الرسمي.
كل قناة تتجاوز أرباحها 500 ألف جنيه سنويًا، ملزمة بفتح ملف ضريبي.
فهم القوانين: التأكد من قانونية كل خطوة رقمية تتعلق بالنشر أو التربح.
عدم إشراك الأطفال دون رقابة أو مبرر.
الترخيص إن كان النشاط تجاريًا.
الامتناع عن نشر تفاصيل الحياة الشخصية التي قد تضر بالأبناء على المدى البعيد.
قراءة سياسات الاستخدام لكل منصة، وتجنب محتوى قد يُفسر كتحريضي أو مسيء.
قضية «أم مكة» تعكس تصاعد التوتر بين حرية المحتوى الرقمي وحماية القيم المجتمعية في مصر. وبينما تتجه الدولة لضبط الفوضى على منصات التواصل الاجتماعي، يبقى التحدي الأكبر في الموازنة بين حرية الإبداع وحماية النشء من الاستغلال أو الانكشاف على العلن دون وعي.
التحقيقات لا تزال جارية، والنتائج الرسمية لم تصدر بعد، لكن المؤكد أن هذه الواقعة ستكون محطة مهمة في مسار تنظيم المحتوى الرقمي في مصر، وجرس إنذار لكل من يحاول تجاوز الخطوط الحمراء باستخدام أبسط أدوات التصوير من داخل المنزل.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt