شهدت أسعار الحديد والأسمنت في مصر، اليوم الاثنين 2 يونيو 2025، ارتفاعًا مفاجئًا وغير متوقع، ما أثار حالة من القلق بين المواطنين والمطورين العقاريين والمقاولين على حد سواء. يأتي هذا الارتفاع وسط تغيرات متسارعة في سوق مواد البناء عالميًا، إضافة إلى تأثيرات محلية ناتجة عن تقلبات سعر صرف الجنيه، وزيادة تكلفة الإنتاج والنقل، ما جعل قطاع التشييد والبناء يتأثر بشكل مباشر وواضح.
في هذا التقرير نرصد تطورات أسعار الحديد والأسمنت، مقارنة بالأيام الماضية، ونعرض التحليلات المرتبطة بالعوامل المؤثرة في السوق، ونوضح كيف ينعكس هذا التحرك على المواطنين والمستثمرين، بالإضافة إلى الآراء المتداولة في القطاع العقاري ومقترحات الخبراء.
وفقًا لجولة ميدانية داخل الأسواق ومصانع الحديد الكبرى، جاءت أسعار الطن اليوم كالتالي:
حديد عز: 45,200 جنيه للطن مقابل 44,000 الأسبوع الماضي.
حديد بشاي: 44,800 جنيه.
حديد المصريين: 44,300 جنيه.
حديد الجيوشي: 44,000 جنيه.
حديد العتال: 45,000 جنيه.
حديد المعادي: 43,500 جنيه.
حديد المراكبي: 44,100 جنيه.
ويُلاحظ أن هناك زيادات تتراوح بين 800 إلى 1200 جنيه للطن الواحد مقارنة بالأسبوع الماضي، وسط توقعات باستمرار موجة الارتفاعات خلال الأيام القادمة.
سجّلت أسعار الأسمنت أيضًا ارتفاعًا ملحوظًا في السوق، وجاءت على النحو التالي:
الأسمنت المسلح (العادي): من 2050 إلى 2150 جنيهًا للطن.
الأسمنت الأبيض: يتراوح بين 3300 و3500 جنيه.
الأسمنت المخلوط: من 1750 إلى 1900 جنيه.
أسمنت المقاوم للكبريتات: يتراوح بين 2200 و2300 جنيه.
ويمثل هذا الارتفاع قفزة ملحوظة مقارنة بالأسعار التي استقرت عليها السوق خلال شهر مايو، حيث كانت الأسعار أقل بنحو 150 إلى 300 جنيه في المتوسط.
لفهم طبيعة هذه الموجة الجديدة من الارتفاعات، يمكننا العودة إلى أسعار منتصف شهر مايو:
كان سعر طن حديد عز عند 43,800 جنيه.
الأسمنت العادي تراوح حينها بين 1900 و2000 جنيه.
الأسمنت الأبيض حافظ على استقراره نسبيًا.
يتضح من ذلك أن السوق دخل في مرحلة صعود تدريجي، تسارعت وتيرته مع دخول شهر يونيو.
أوضح عدد من العاملين في مجال مواد البناء أن هناك عدة أسباب رئيسية لهذا الارتفاع المفاجئ، أهمها:
زيادة أسعار خام البيليت عالميًا: وهو المادة الأساسية المستخدمة في إنتاج الحديد، حيث سجل زيادة خلال الأسبوعين الماضيين.
ارتفاع تكلفة النقل والشحن: بعد قرار زيادة أسعار الوقود، ارتفعت تكاليف الشحن بين المحافظات.
زيادة أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي للمصانع: ما أدى إلى رفع تكلفة الإنتاج.
تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار: مما أدى إلى زيادة تكلفة استيراد المواد الخام.
زيادة الطلب المحلي: بسبب عودة نشاط التشييد في عدة مشروعات قومية وخاصة مع قرب فصل الصيف.
هذا الارتفاع في أسعار الحديد والأسمنت يهدد برفع تكلفة الوحدات السكنية خلال الفترة المقبلة، خاصة المشروعات الجاري تنفيذها، حيث أن أي زيادة في سعر مواد البناء تنعكس مباشرة على التكلفة النهائية للبيع.
المواطن البسيط الذي يسعى لبناء بيت أو تشطيب شقة يواجه الآن صعوبات كبيرة في الميزانية.
المطورون العقاريون قد يعيدون تسعير وحداتهم، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الشقق.
بعض المقاولين الصغار قد يوقفون العمل مؤقتًا انتظارًا لاستقرار الأسعار.
أبدى عدد من المستثمرين والمقاولين تخوفهم من أن يؤدي هذا الارتفاع إلى بطء في حركة البيع والشراء خلال الفترة المقبلة. وأشار أحد كبار المقاولين في مدينة 6 أكتوبر إلى أن "الزيادة غير المتوقعة في سعر الحديد تضعنا أمام تحديات كبيرة، خصوصًا مع العقود المفتوحة التي يصعب تعديل أسعارها."
بينما صرح مهندس تطوير عقاري في القاهرة الجديدة أن "المشروعات المتوسطة ومحدودة الدخل ستكون الأكثر تأثرًا، بينما سيتحمل العميل في مشروعات الإسكان الفاخر الزيادة بشكل مباشر."
يرى خبراء السوق أن أسعار الحديد قد تستمر في الارتفاع خلال الأسبوعين القادمين، وقد تتجاوز 46 ألف جنيه للطن في حال استمرار الوضع العالمي على ما هو عليه.
أما الأسمنت، فرغم ارتفاعه الحالي، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أنه قد يشهد استقرارًا مؤقتًا بعد منتصف الشهر، نتيجة تباطؤ في الطلب، خاصة إذا لم يكن هناك موجة مناقصات حكومية جديدة.
المستهلكون الأفراد: يُفضل تأجيل قرارات الشراء الكبيرة إذا أمكن، لحين وضوح اتجاه السوق.
المطورون العقاريون: ضرورة إعادة النظر في خطط التسعير، وربما مراجعة عقود الموردين لتقليل الخسائر.
المقاولون الصغار: يجب التحوّط من توقيع عقود جديدة دون هامش سعر آمن.
المصانع والموردون: التوسع في التعاقدات المباشرة مع المستهلكين قد يخفف من حدة التكاليف.
حتى الآن، لم تُصدر الحكومة أي تصريحات رسمية بشأن تدخل مباشر للسيطرة على أسعار الحديد والأسمنت، لكنها كانت قد ألمحت في فترات سابقة إلى أهمية متابعة حركة الأسعار، وخاصة في قطاع مواد البناء الذي يمثل أساسًا لمشروعات البنية التحتية والسكن.
يتوقع بعض المحللين أن تلجأ الحكومة لتفعيل أدوات رقابية أقوى، أو دعم بعض المشروعات بالمناطق الجديدة لمعادلة الكلفة المرتفعة، خاصة تلك الموجهة لمحدودي الدخل.
ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 يمثل حلقة جديدة في سلسلة التحولات الاقتصادية التي يمر بها السوق المصري. وبين التغيرات العالمية في أسعار الخامات، والضغوط المحلية المتمثلة في تكاليف النقل والطاقة، يجد المستهلكون والمستثمرون أنفسهم أمام مشهد معقد، يتطلب متابعة دقيقة، وقرارات مدروسة لتجاوز هذه المرحلة.
ويظل السؤال قائمًا: هل نشهد خلال الأسابيع المقبلة مزيدًا من الارتفاعات، أم أن السوق سيبدأ في الاستقرار؟ الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد هذا الاتجاه.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt