ميكسات فور يو
الخرف لا يساوي بين الجنسين.. النساء يُصبن أكثر والرجال يموتون أسرع
الكاتب : Mohamed Abo Lila

الخرف لا يساوي بين الجنسين.. النساء يُصبن أكثر والرجال يموتون أسرع

الخرف لا يساوي بين الجنسين.. النساء يُصبن أكثر والرجال يموتون أسرع


الخرف واحد من أكثر التحديات الصحية التي تواجه العالم في القرن الحادي والعشرين، إذ تشير الأبحاث الطبية الحديثة إلى أن تأثيره لا يوزع بالتساوي بين الجنسين، حيث تعاني النساء من نسب إصابة أعلى مقارنة بالرجال، بينما يُظهر الرجال معدلات وفاة أسرع بعد الإصابة. هذا التباين يثير تساؤلات عميقة حول الأسباب البيولوجية والاجتماعية والنفسية التي تجعل الخرف يتجلى بشكل مختلف لدى كل من الرجال والنساء.

في هذا المقال المطوّل، سنحاول استعراض كافة الأبعاد المتعلقة بالموضوع، بدءًا من الخلفية الطبية لتعريف الخرف، مرورًا بالأسباب العلمية وراء الفجوة بين الجنسين، وصولًا إلى الدراسات العالمية والتأثيرات المجتمعية والنفسية، مع استعراض للخطط المستقبلية في مجال البحث والعلاج.



أولًا: ما هو الخرف؟

الخرف ليس مرضًا بعينه، بل هو مصطلح شامل يُستخدم لوصف مجموعة من الأعراض المرتبطة بتدهور القدرات العقلية والمعرفية، بما في ذلك:

  • ضعف الذاكرة.

  • صعوبة في التفكير واتخاذ القرارات.

  • مشاكل في اللغة والقدرة على التعبير.

  • تغييرات في السلوك والشخصية.

أشهر أنواعه هو مرض ألزهايمر، الذي يمثل نحو 60–70% من حالات الخرف، بينما توجد أنواع أخرى مثل الخرف الوعائي، والخرف الجبهي الصدغي، وخرف أجسام ليوي.


ثانيًا: أرقام وإحصائيات عالمية

  • وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، هناك أكثر من 55 مليون شخص حول العالم يعانون من الخرف، مع تسجيل حوالي 10 ملايين حالة جديدة سنويًا.

  • تشير التقديرات إلى أن النساء يمثلن حوالي ثلثي إجمالي المصابين بالخرف.

  • في المقابل، فإن الرجال المصابين بالخرف غالبًا ما يواجهون مسارًا أسرع للوفاة بعد التشخيص مقارنة بالنساء.

هذه الأرقام تعكس بوضوح وجود اختلاف جوهري في كيفية تأثير الخرف على الجنسين.


ثالثًا: لماذا النساء أكثر عرضة للإصابة؟

1. العوامل البيولوجية

  • العمر: النساء عادةً ما يعشن لفترة أطول من الرجال، وهو ما يرفع احتمالية تعرضهن للخرف، إذ أن التقدم في العمر يعد أكبر عامل خطر.

  • الهرمونات: تراجع هرمون الإستروجين بعد انقطاع الطمث قد يؤثر على وظائف الدماغ ويزيد من احتمالية تطور الخرف.

  • الجينات: وجود جين APOE4 على سبيل المثال يرتبط بزيادة خطر ألزهايمر، وقد تكون آثاره أقوى لدى النساء مقارنة بالرجال.

2. العوامل النفسية والاجتماعية

  • النساء تاريخيًا يقمن بدور أكبر في رعاية الأسرة، ما يجعلهن أكثر عرضة للإجهاد النفسي المزمن، والذي يعتبر أحد عوامل الخطر.

  • معدلات الاكتئاب والقلق أعلى نسبيًا لدى النساء، وهذه الحالات ترتبط لاحقًا بزيادة خطر الإصابة بالخرف.


رابعًا: لماذا يموت الرجال أسرع بعد الإصابة؟

  • تشير الدراسات إلى أن الرجال، بمجرد إصابتهم بالخرف، يواجهون تدهورًا أسرع في القدرات الجسدية والعقلية مقارنة بالنساء.

  • الرجال غالبًا ما يعانون من أمراض مزمنة مصاحبة مثل أمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم، ما يضاعف من أثر الخرف ويزيد من معدلات الوفاة.

  • ضعف الأنظمة الاجتماعية للرعاية لدى بعض الرجال مقارنة بالنساء (اللواتي قد يحظين بدعم من الأسرة أو شبكات اجتماعية أقوى).


خامسًا: الدراسات الطبية والبحثية

دراسة نُشرت في مجلة Alzheimer’s & Dementia أوضحت أن النساء المصابات بالخرف قد يحتفظن بقدرات معرفية أفضل في المراحل المبكرة مقارنة بالرجال، لكنهن يفقدن هذه الميزة سريعًا مع تطور المرض.

في المقابل، تشير أبحاث أخرى إلى أن الرجال غالبًا ما يتوفون في غضون سنوات أقل بعد التشخيص، بينما تعيش النساء فترة أطول مع المرض، وهو ما يزيد من الأعباء الاقتصادية والاجتماعية للرعاية طويلة الأمد.


سادسًا: الأعباء الاجتماعية والاقتصادية

  • النساء كمرضى: ارتفاع نسب إصابتهن يعني الحاجة إلى تخصيص موارد أكبر للرعاية الصحية والاجتماعية.

  • النساء كمقدمي رعاية: كثير من النساء يقمن برعاية أفراد الأسرة المصابين بالخرف، ما يضاعف الضغط النفسي والجسدي عليهن.

  • تكلفة رعاية مرضى الخرف عالميًا تتجاوز تريليون دولار سنويًا، ومن المتوقع أن تتضاعف هذه التكلفة بحلول عام 2030، مع زيادة متوسط الأعمار.


سابعًا: طرق الوقاية وتقليل المخاطر

للنساء:

  • الانتباه للصحة الهرمونية بعد انقطاع الطمث.

  • ممارسة الأنشطة الذهنية والاجتماعية باستمرار.

  • تقليل مستويات التوتر والاكتئاب.

للرجال:

  • الاهتمام المبكر بالصحة البدنية لمنع تفاقم الأمراض المزمنة.

  • تعزيز الروابط الاجتماعية لتوفير دعم مستمر.

  • ممارسة الرياضة كعامل وقائي مهم.


ثامنًا: خطط العلاج والبحوث المستقبلية

حتى الآن لا يوجد علاج شافٍ للخرف، لكن الأبحاث تتجه نحو:

  • العلاجات الدوائية الجديدة التي تستهدف بروتينات الدماغ غير الطبيعية مثل الأميلويد والتاو.

  • التقنيات التكنولوجية مثل الذكاء الاصطناعي للتشخيص المبكر والتتبع.

  • العلاجات الشخصية التي تراعي الفروقات بين الجنسين، وهو توجه علمي جديد يسعى لتقديم حلول أكثر دقة وفعالية.


تاسعًا: البعد الإنساني والنفسي

رغم أن الأرقام والبيانات العلمية تكشف حجم التحدي، إلا أن البعد الإنساني لا يقل أهمية، حيث يواجه مرضى الخرف فقدان هويتهم تدريجيًا وصعوبة التواصل مع أحبائهم. النساء المصابات قد يعانين من عزلة أطول بسبب طول فترة المرض، بينما يعاني الرجال من تدهور سريع يفاجئ أسرهم.


عاشرًا: 

الخرف ليس مرضًا متساويًا بين الجنسين؛ النساء يتأثرن أكثر من حيث معدلات الإصابة وطول فترة المعاناة، بينما الرجال يواجهون معدلات وفاة أسرع بعد التشخيص. هذه الفجوة تفرض تحديات كبيرة على أنظمة الرعاية الصحية والاجتماعية، وتؤكد ضرورة تبني استراتيجيات طبية وبحثية تراعي الفروق بين الجنسين، مع زيادة التوعية بأهمية الوقاية المبكرة ودعم المرضى وأسرهم.


✦ بهذا نكون قد تناولنا الجوانب الطبية، الاجتماعية، الاقتصادية، والنفسية المتعلقة بالخرف والفروق بين الجنسين، في محاولة لتسليط الضوء على قضية صحية وإنسانية تمس الملايين حول العالم.

التعليقات

لا يوجد تعليقات

اترك تعليق

يجب تسجيل الدخول أولا. تسجيل الدخول

قد يهمك أيضا

تعــرف على ميكسات فور يو
اتصل بنا
سياسة الخصوصية
من نحن
خريطة الموقع
تابعنا علي منصات السوشيال ميديا

جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt

Loading...