يشهد سعر الدولار الأمريكي في مصر حالة من الثبات النسبي خلال الأيام الماضية، بعد موجات من التذبذب التي شغلت بال الأسواق والمواطنين على حد سواء. ومع حلول صباح الأربعاء 6 أغسطس 2025، تترقب الأوساط الاقتصادية والمصرفية ما إذا كان هذا الاستقرار المفاجئ سيستمر أم أنه مجرد هدوء يسبق موجة جديدة من التغيرات.
سعر الدولار يُعد أحد أهم المؤشرات التي تؤثر في الأسواق المصرية، سواء على مستوى السلع المستوردة أو تكلفة الإنتاج المحلي أو حتى ثقة المستثمرين. ولذلك، فإن استقرار سعره، حتى ولو كان مؤقتًا، يُعتبر حدثًا يستحق المتابعة والتحليل.
افتتحت البنوك المصرية تعاملاتها اليوم على نفس مستويات الأمس تقريبًا، مع تسجيل استقرار نسبي في أسعار البيع والشراء، سواء في البنوك الحكومية أو الخاصة.
سعر الشراء في معظم البنوك سجل ما بين 48.50 إلى 48.60 جنيهًا.
سعر البيع تراوح بين 48.70 إلى 48.80 جنيهًا.
هذا الاستقرار يظل محل تساؤلات حول أسبابه، وهل هو مدفوع بتدخلات تنظيمية أم نتيجة تحسن فعلي في موارد الدولار داخل القطاع المصرفي.
نرصد فيما يلي الأسعار في بعض من أبرز البنوك العاملة داخل السوق المصري:
البنك الأهلي المصري: شراء 48.55 جنيه – بيع 48.75 جنيه
بنك مصر: شراء 48.55 جنيه – بيع 48.75 جنيه
البنك التجاري الدولي CIB: شراء 48.58 جنيه – بيع 48.78 جنيه
بنك الإسكندرية: شراء 48.57 جنيه – بيع 48.77 جنيه
ويُلاحظ تقارب شديد بين الأسعار في مختلف البنوك، ما يعكس رقابة على السوق وضبط لحركة التداول.
رغم استقرار السعر الرسمي، تظل السوق الموازية تشهد تحركات غير معلنة، وإن كانت أقل زخمًا من الأشهر السابقة. هناك مصادر مصرفية غير رسمية تشير إلى أن السعر في السوق السوداء يتراوح بين 50.00 إلى 51.00 جنيهًا، مع تفاوتات طفيفة بين المحافظات والمناطق.
لكن رغم الفارق، فإن المعاملات في السوق الموازية تشهد انكماشًا ملحوظًا، في ظل الرقابة المشددة التي فرضتها الجهات المختصة مؤخرًا.
الحديث عن "استقرار مفاجئ" في سعر الدولار يعود إلى عدة أسباب، بعضها داخلي والبعض الآخر يرتبط بالأسواق العالمية:
زيادة التدفقات الدولارية: سواء من تحويلات المصريين بالخارج أو من إيرادات قناة السويس والسياحة.
السياسات النقدية للبنك المركزي: التي تركز حاليًا على توفير الدولار للسلع الأساسية والاستراتيجية.
تراجع الطلب على العملة الصعبة: بسبب هدوء نسبي في وتيرة الاستيراد وتقنين النفقات.
عودة الثقة في الجهاز المصرفي: بعد التحركات الأخيرة لضبط السوق وضمان استقرار السياسات النقدية.
لإعطاء تصور أوضح، من المفيد النظر إلى تطور سعر الدولار منذ بداية 2025:
في يناير 2025، كان متوسط سعر الدولار يبلغ 43.00 جنيهًا.
بحلول أبريل، تجاوز السعر 46.00 جنيهًا.
وفي يونيو ويوليو، تخطى حاجز 48.00 جنيهًا.
أما الآن في أغسطس، فهو مستقر في نطاق 48.60 جنيهًا.
هذا الارتفاع التدريجي يوضح أن الاستقرار الحالي هو بمثابة تهدئة مؤقتة، وقد يتبعها موجات ارتفاع أو هبوط بحسب المتغيرات.
محللون اقتصاديون يرون أن سعر الدولار في مصر قد يستمر في نطاقه الحالي لفترة قصيرة، قبل أن يشهد حركة تصحيحية مرتبطة بعدة عوامل، منها:
نتائج المفاوضات الدولية بشأن القروض والدعم.
معدلات الفائدة الأمريكية، والتي تؤثر على قوة الدولار عالميًا.
أسعار البترول والسلع الأساسية، والتي تحدد حجم فاتورة الاستيراد.
الأداء السياحي والتحويلات، وهما من أبرز مصادر الدولار.
في ضوء هذه العوامل، فإن استمرار الاستقرار مشروط بثبات الوضع الاقتصادي وعدم حدوث مفاجآت في الأسواق الدولية.
يؤثر سعر الدولار على حياة المواطن اليومية بشكل مباشر، بدءًا من أسعار السلع المستوردة، إلى تكلفة الوقود، ومرورًا بأسعار الأجهزة والإلكترونيات ومواد البناء.
ومع كل ارتفاع في سعر الدولار، ترتفع الأسعار تباعًا، مما يخلق ضغوطًا تضخمية إضافية. أما في حال الاستقرار، كما هو الحال حاليًا، فيخفف ذلك من وتيرة الغلاء، ولو مؤقتًا.
في ظل هذا الاستقرار، تُنصح الشركات والمستوردون بما يلي:
التحوط ضد تقلبات السعر من خلال خطط استيراد متوازنة.
عدم التوسع المفاجئ في الشراء بالدولار إلا بعد التأكد من ثبات الأسعار.
مراقبة العقود الدولية وأسعار السوق العالمية، لتفادي خسائر غير متوقعة.
الاحتفاظ بمخزون استراتيجي للسلع يُعد خطوة مهمة لتقليل أثر أي تغير مفاجئ في سعر الدولار مستقبلاً.
البنك المركزي يلعب دورًا محوريًا في استقرار سوق الصرف، عبر أدواته المتنوعة، ومنها:
التدخل في السوق عبر آليات مفتوحة.
توجيه البنوك بتوفير العملة للسلع الأساسية.
ضبط سعر الفائدة للتحكم في السيولة.
مكافحة السوق الموازية وتقليل الاعتماد عليها.
هذا الدور كان حاسمًا في تهدئة السوق خلال الشهور الماضية، ونجح في تقليص الفجوة بين السعر الرسمي وغير الرسمي.
السؤال الأهم الذي يشغل المتابعين حاليًا: هل تتجه الدولة إلى تعويم جديد للعملة؟
حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية على ذلك. لكن بعض المحللين لا يستبعدون إمكانية التعديل التدريجي في سعر الصرف وفقًا لآليات العرض والطلب، خاصة مع استمرار الضغط على الموارد الدولارية، ووجود التزامات مالية خارجية.
أي قرار بهذا الشأن سيعتمد على قدرة الدولة على تأمين احتياجاتها الدولارية دون الإضرار بالقوة الشرائية للمواطن.
تتحرك أسعار الذهب والدولار في اتجاهات متعاكسة عادة. فكلما ارتفع الدولار، انخفض الذهب، والعكس صحيح. في السوق المصري، يرتبط سعر الذهب المحلي بسعر الدولار ارتباطًا مباشرًا.
وفي ظل استقرار الدولار حاليًا، يُتوقع أن تشهد أسعار الذهب أيضًا حالة من الثبات، ما يُشجع على عمليات الشراء والاستثمار في الذهب كوسيلة ادخار.
استقرت أسعار الدولار في مصر اليوم الأربعاء 6 أغسطس 2025 عند مستويات تقارب 48.60 جنيهًا، في ظل هدوء نسبي بأسواق الصرف الرسمية. ويأتي هذا الاستقرار بعد فترة من الارتفاعات المتتالية التي شهدها السوق خلال النصف الأول من العام.
ورغم الاستقرار الحالي، إلا أن توقعات الفترة القادمة لا تزال مرتبطة بتطورات الاقتصاد العالمي، ومدى قدرة الدولة على تعزيز مواردها الدولارية. ويظل المواطن والتاجر والمستثمر في حالة ترقب دائم لأي تغيرات قد تؤثر على الأسعار أو السياسات النقدية.
المتابعة اليومية لسعر الدولار لم تعد ترفًا، بل ضرورة لفهم ما يدور في الأسواق، واتخاذ قرارات مالية رشيدة تناسب طبيعة المرحلة الحالية.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt