تشهد أسواق الذهب العالمية اليوم الخميس 28 أغسطس 2025 حالة من الترقب والحذر بين المستثمرين، مع تذبذب الأسعار في نطاق محدود نتيجة انتظار بيانات اقتصادية هامة قد تحدد اتجاه المعدن الأصفر خلال الفترة المقبلة. ويأتي ذلك في وقت يظل فيه الذهب محافظًا على مكانته كملاذ آمن، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية والجدل حول السياسات النقدية للفيدرالي الأمريكي.
افتتحت أسعار الذهب تعاملات اليوم على مستويات قريبة من جلسة الأمس، حيث سجلت الأونصة في الأسواق الفورية مستويات تدور حول 3,390 دولار تقريبًا، بينما تراوحت العقود الآجلة لشهر ديسمبر قرب 3,445 دولار. هذا الاستقرار النسبي يعكس توازن قوى بين ضغوط جني الأرباح من جانب، وتوقعات خفض أسعار الفائدة من جانب آخر.
من المعروف أن العلاقة بين الذهب والدولار الأمريكي علاقة عكسية؛ فعندما يضعف الدولار أمام العملات الرئيسية تزداد جاذبية الذهب كأصل استثماري، والعكس صحيح. ومع ترقب الأسواق لبيانات التضخم الأمريكية خلال الساعات المقبلة، يفضل المستثمرون الانتظار قبل اتخاذ مراكز جديدة كبيرة، وهو ما يفسر حالة التذبذب الحالية.
منذ بداية الأسبوع، سجل الذهب ارتفاعًا محدودًا بدعم من توقعات خفض الفائدة، إلا أن موجة من جني الأرباح حدّت من مكاسبه. تراوحت الأسعار ما بين 3,370 و3,410 دولارات للأونصة، وهو نطاق ضيق نسبيًا يعكس حالة الترقب والانتظار.
الأنظار تتجه نحو قرارات الفيدرالي الأمريكي بخصوص أسعار الفائدة. فإذا قرر الفيدرالي خفض الفائدة خلال اجتماعه المقبل، سيؤدي ذلك إلى زيادة جاذبية الذهب لأنه أصل لا يدر عائدًا، بينما انخفاض الفائدة يقلل من جاذبية الأصول الأخرى كالودائع والسندات، ما يعزز الطلب على المعدن الأصفر.
هناك عدة عوامل تضغط على أسعار الذهب أو تدعمها، أبرزها:
البيانات الاقتصادية الأمريكية: أي تباطؤ في مؤشرات التضخم أو النمو يدعم أسعار الذهب.
التوترات الجيوسياسية: الذهب يظل الملاذ الآمن الأول عند حدوث أزمات سياسية أو عسكرية.
الطلب الاستثماري: صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب (ETF) لها دور كبير في تحريك الأسعار.
الطلب الفعلي: مثل الطلب على المجوهرات في الهند والصين، وهما أكبر مستهلكين للذهب في العالم.
ارتفاع أسعار الذهب عالميًا ينعكس بشكل غير مباشر على الأسواق الناشئة، حيث يرتبط بتغيرات أسعار العملات المحلية أمام الدولار. في مصر على سبيل المثال، يتابع المواطنون تحركات الذهب العالمية لأنها تؤثر على الأسعار المحلية للجرام، والتي تشهد عادة تقلبات مرتبطة بسعر الأونصة عالميًا وسعر الدولار محليًا.
إذا نظرنا إلى السنوات الماضية، نجد أن الذهب سجل ذروته التاريخية عند مستويات تجاوزت 3,500 دولار في بعض الفترات، قبل أن يتراجع بشكل طفيف مع استقرار الأسواق. هذه الذكريات تعزز ثقة المستثمرين بأن الذهب قادر على العودة للصعود القوي إذا توافرت الظروف المواتية.
سيناريو صعودي: في حال استمر التضخم الأمريكي في التراجع، قد يتجه الفيدرالي لخفض الفائدة بشكل أكبر، وهو ما سيدفع أسعار الذهب لاختراق مستويات 3,450 وربما 3,500 دولار.
سيناريو هبوطي: إذا جاءت البيانات الاقتصادية قوية وأظهرت صلابة الاقتصاد الأمريكي، قد يعزز ذلك الدولار ويضغط على الذهب للعودة إلى مستويات 3,300 دولار أو أقل.
سيناريو الاستقرار: وهو الأكثر ترجيحًا على المدى القصير، حيث تستقر الأسعار في نطاق 3,350 – 3,420 دولار حتى تتضح صورة البيانات الاقتصادية.
رغم التذبذبات اليومية، يظل الذهب في نظر الكثيرين أصلًا استراتيجيًا لا غنى عنه في أي محفظة استثمارية، خاصة في أوقات الأزمات الاقتصادية أو الجيوسياسية. المستثمرون الأفراد والمؤسسات على حد سواء يعتبرون الذهب وسيلة لحماية القيمة والتحوط ضد تقلبات العملات والتضخم.
متابعة الأخبار الاقتصادية أولًا بأول قبل اتخاذ أي قرار استثماري.
تنويع المحافظ الاستثمارية وعدم الاعتماد على الذهب فقط.
التفكير في الذهب كاستثمار طويل الأجل وليس مضاربة يومية.
الحذر من الانجراف وراء تقلبات الأسعار اللحظية.
في عام 2020، سجل الذهب قفزة كبرى متجاوزًا حاجز الـ2,000 دولار لأول مرة نتيجة جائحة كورونا.
في عام 2022، استقر الذهب حول 1,800 – 1,900 دولار مع بداية دورة رفع الفائدة الأمريكية.
في 2024، بدأ الذهب رحلة صعود جديدة مدفوعًا بزيادة الطلب الاستثماري وعودة المخاوف الاقتصادية.
في 2025، وصلت الأسعار إلى مستويات تاريخية جديدة، لتظل مرشحة لمزيد من المكاسب إذا استمرت الظروف العالمية الداعمة.
لا يمكن إغفال دور الذهب كأداة لقياس ثقة المستثمرين في الاقتصاد العالمي. فعندما تسود حالة عدم اليقين، تتجه السيولة نحو الذهب باعتباره أصلًا آمنًا. أما في أوقات الانتعاش الاقتصادي، فقد يتراجع الطلب عليه لصالح الأصول عالية المخاطر مثل الأسهم.
الذهب لا يُعد مجرد معدن ثمين أو مادة خام للمجوهرات، بل يمثل محورًا أساسيًا في النظام المالي العالمي. احتياطيات البنوك المركزية من الذهب تعتبر جزءًا من ضمان قوة عملاتها، حيث تواصل دول مثل الصين وروسيا والهند تعزيز مخزوناتها من المعدن النفيس.
كما أن الطلب الموسمي يلعب دورًا مهمًا، خاصة في الهند خلال مواسم الزواج والمهرجانات، وفي الصين خلال الاحتفالات التقليدية، حيث يزداد الطلب على المشغولات الذهبية.
من جهة أخرى، التطورات التكنولوجية الحديثة تساهم في تعزيز استخدام الذهب في الصناعات الإلكترونية والطبية، ما يضيف بعدًا جديدًا للطلب على المعدن الأصفر.
بهذا يتضح أن أسعار الذهب اليوم الخميس 28-8-2025 عالميًا تعكس حالة من التوازن الدقيق بين عوامل متعارضة؛ من جهة هناك ضغوط جني الأرباح وقوة الدولار، ومن جهة أخرى هناك توقعات بخفض الفائدة وزيادة الطلب الاستثماري. وفي النهاية، يظل الذهب محتفظًا ببريقه كملاذ آمن وركيزة أساسية في الأسواق العالمية، مع ترقب المستثمرين للبيانات المقبلة التي ستحدد المسار القادم.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
