تشهد مصر في السنوات الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوق في معدلات الولادة القيصرية، حيث أصبحت الخيار الأكثر شيوعًا مقارنة بالولادات الطبيعية. هذا الارتفاع دفع خبراء الصحة والأطباء إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من تداعياته الصحية والاقتصادية على الأمهات والأطفال على حد سواء. وفي الوقت نفسه، طُرحت مقترحات مثيرة للجدل، من بينها العودة إلى الاعتماد على "الداية" التقليدية في بعض المناطق، لتشجيع الولادات الطبيعية وتقليل الاعتماد على العمليات القيصرية إلا في الحالات الضرورية.
هذا الجدل يعكس صراعًا بين الطب الحديث والتقاليد القديمة، وبين المخاوف الصحية والاعتبارات الاقتصادية، ما يجعل الملف محل نقاش واسع على المستويين الرسمي والمجتمعي.
تشير تقارير وزارة الصحة إلى أن نسبة الولادات القيصرية في مصر وصلت إلى أكثر من 60% من إجمالي الولادات، وهو معدل يفوق كثيرًا النسبة الموصى بها عالميًا والتي لا تتجاوز 15%.
في بعض المستشفيات الخاصة، تصل النسبة إلى 80% نتيجة التفضيل السريع لهذه العمليات.
هذا الارتفاع يضع مصر في مقدمة الدول عالميًا من حيث انتشار الولادات القيصرية.
سهولة الإجراء للطبيب: تعتبر أسرع وأكثر تنظيمًا للطبيب مقارنة بالولادة الطبيعية.
رغبة بعض الأمهات: اعتقادًا بأنها أقل ألمًا وأكثر أمانًا، رغم أن الدراسات تؤكد عكس ذلك في كثير من الحالات.
الأسباب الاقتصادية: الولادة القيصرية أكثر تكلفة، ما يجعلها مربحة للمستشفيات الخاصة.
الخوف من مضاعفات الولادة الطبيعية: خاصة مع نقص الوعي أو ضعف متابعة الحمل.
الجدول الزمني المحدد: حيث يمكن تحديد موعد الولادة بما يتناسب مع الأهل أو الطبيب.
زيادة مخاطر النزيف والعدوى.
فترات نقاهة أطول مقارنة بالولادة الطبيعية.
احتمالية حدوث مضاعفات في الحمل المستقبلي.
مشاكل في التنفس لعدم مرور الطفل عبر قناة الولادة الطبيعية.
ضعف المناعة في المراحل الأولى من الحياة.
احتمالية زيادة الوزن والسمنة مستقبلًا وفق بعض الدراسات.
بعض الخبراء يقترحون إعادة تدريب الدايات التقليديات ليكنّ بديلًا في حالات الولادة الطبيعية غير المعقدة.
الفكرة تهدف إلى:
تقليل أعداد العمليات القيصرية غير الضرورية.
نشر ثقافة الولادة الطبيعية في المجتمعات الريفية.
تخفيف الضغط على المستشفيات.
هذا الاقتراح أثار جدلًا واسعًا بين مؤيد ومعارض:
المؤيدون يرونه عودة لأسلوب صحي طبيعي يقلل المخاطر.
المعارضون يعتبرونه تراجعًا عن التقدم الطبي وقد يشكل خطورة على الأمهات.
طبيب نساء وتوليد: "لا يمكننا العودة للوراء، لكن يمكن تدريب القابلات ليعملن تحت إشراف طبي."
خبير صحة عامة: "الاعتماد الكلي على الولادات القيصرية خطأ استراتيجي، يجب إعادة التوازن."
أستاذ علم اجتماع: "الداية لها دور ثقافي واجتماعي في المجتمعات الريفية لا يمكن إنكاره."
تكلفة الولادة القيصرية تزيد بنسبة 50 – 70% عن الولادة الطبيعية.
ارتفاع معدلات القيصرية يمثل عبئًا على الأسر، خاصة في المستشفيات الخاصة.
على مستوى الدولة، يضاعف ذلك من تكلفة الرعاية الصحية والدعم الحكومي.
سيدة من القاهرة: "اخترت القيصرية خوفًا من الألم، لكن فترة التعافي كانت أصعب مما توقعت."
أم من الريف: "ولدت طبيعيًا عند داية مدربة، التجربة كانت إنسانية وأقل تكلفة بكثير."
طبيب شاب: "نحتاج إلى حملات توعية لإقناع الأمهات بأن الولادة الطبيعية أكثر أمانًا في معظم الحالات."
حملات توعية موجهة للأمهات حول فوائد الولادة الطبيعية.
تشديد الرقابة على المستشفيات الخاصة التي تبالغ في إجراء القيصريات.
إدخال برامج تدريبية للقابلات (الدايات) بإشراف طبي.
تشجيع المتابعة المنتظمة للحمل لاكتشاف المضاعفات مبكرًا.
توفير حوافز اقتصادية للمستشفيات التي تلتزم بنسبة معقولة من الولادات الطبيعية.
في دول مثل السويد والنرويج، نسبة الولادات القيصرية لا تتجاوز 17%.
في أمريكا الجنوبية، تصل النسبة إلى 55%، ما يقترب من الواقع المصري.
منظمة الصحة العالمية تؤكد أن المعدل المثالي هو 10 – 15% فقط من إجمالي الولادات.
إذا لم يتم ضبط الظاهرة، قد تتجاوز النسبة في مصر 70% خلال 5 سنوات.
تطبيق برامج تدريب الدايات قد يسهم في خفض المعدل تدريجيًا.
زيادة الوعي الصحي لدى الأمهات سيشكل العامل الحاسم في التغيير.
استشارة أكثر من طبيب قبل اتخاذ قرار الولادة القيصرية.
التركيز على المتابعة الطبية المنتظمة طوال فترة الحمل.
ممارسة التمارين الرياضية المناسبة لتسهيل الولادة الطبيعية.
عدم الانسياق وراء الخوف من الألم، خاصة مع توفر وسائل آمنة لتخفيفه.
البحث عن المستشفيات التي تدعم الولادة الطبيعية وتشجع عليها.
تزايد معدلات الولادة القيصرية في مصر بات أزمة حقيقية تتطلب تدخلًا عاجلًا. وبينما يرى البعض أن الحل يكمن في إعادة إحياء دور "الداية" التقليدية بشكل منظم وتحت إشراف طبي، فإن آخرين يعتبرون ذلك عودة للوراء.
المؤكد أن الحل يكمن في إيجاد توازن بين الطب الحديث والتجربة الطبيعية، عبر حملات توعية، ورقابة مشددة على المستشفيات، وبرامج تدريبية حديثة للقابلات.
إن خفض معدلات القيصرية ليس مجرد قضية طبية، بل هو ملف صحي واقتصادي واجتماعي ينعكس على جودة حياة ملايين الأمهات والأطفال في مصر.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt