في مشهد يتكرر مؤخرًا مع عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، تصدر اسم التيك توكر المعروف باسم "شاكر محظور" عناوين الأخبار مجددًا، لكن هذه المرة ليس بسبب مقطع ساخر أو فيديو مثير للجدل، بل بعد قرار النيابة بحبسه 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد ضبطه متلبسًا بحيازة مواد مخدرة من نوعي الحشيش والآيس.
الواقعة أثارت حالة من الجدل والصدمة، خصوصًا في أوساط متابعيه من فئة الشباب والمراهقين، الذين كانوا يعتبرونه نموذجًا للجرأة وخفة الظل. ولكن سقوطه الأخير كشف جانبًا مظلمًا من حياة بعض صُنّاع المحتوى، والذين يستغلون الشهرة الافتراضية لتحقيق مكاسب سريعة، دون وعي بعواقب أفعالهم أو أثرها المجتمعي.
التقرير التالي يستعرض تفاصيل الواقعة، وكواليس القبض، وتحليل الظاهرة المتكررة لارتباط بعض مشاهير التيك توك بسلوكيات مخالفة للقانون، مع قراءة في تداعيات هذه الحادثة.
ألقت الأجهزة الأمنية القبض على التيك توكر "شاكر محظور" في أحد الأكمنة المرورية بالقاهرة، وذلك أثناء قيادته سيارة فارهة بدون لوحات معدنية واضحة، وبحوزته كمية من مخدر الحشيش ومخدر الآيس داخل حقيبة يدوية كانت في متناول يده.
وأثناء فحص السيارة تم العثور على لفافات معدة للاستخدام الشخصي، بالإضافة إلى أدوات تستخدم في تعاطي المواد المخدرة، مما أكد الشبهات حول تورطه في التعاطي وحيازة المخدرات بغرض الاستعمال.
وتم اقتياده إلى قسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة، ثم إحالته للنيابة التي قررت حبسه احتياطيًا لمدة 4 أيام على ذمة التحقيق، مع طلب تحاليل معملية لتحديد مدى تعاطيه للمواد المخدرة بشكل مؤكد.
بعد ساعات من انتشار الخبر، ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات المتباينة، حيث عبّر كثير من المتابعين عن صدمتهم من تصرفات التيك توكر المعروف، في حين رأى آخرون أن ما حدث ليس مفاجئًا، بل نتيجة طبيعية للانفلات الأخلاقي المنتشر بين بعض صناع المحتوى.
البعض دعا إلى ضرورة وجود رقابة حقيقية على المحتوى المقدم على التيك توك وغيره من المنصات، خاصة وأن هذه الشخصيات تؤثر بشكل مباشر على سلوكيات المراهقين، بل قد يُنظر إليهم كـ"قدوة" في غياب الوعي الأسري أو المجتمعي.
"شاكر محظور" هو اسم شهرة أطلقه صاحب الحساب على نفسه عبر منصة "تيك توك"، ونجح خلال فترة قصيرة في جذب عدد كبير من المتابعين بفضل فيديوهاته الساخرة التي تعتمد على التهكم، وتصوير مشاهد تمثيلية من الحياة اليومية، أحيانًا باستخدام لغة غير لائقة أو إيحاءات اعتبرها البعض خادشة للحياء.
لم يكن له تاريخ فني معروف أو نشاط إعلامي تقليدي، لكنه تمكّن من تحقيق شهرة واسعة في دوائر معينة، خصوصًا بين طلاب المدارس والجامعات، الذين وجدوا في أسلوبه نوعًا من "التمرد الكوميدي".
لكن الواقعة الأخيرة وضعت هذه الشعبية تحت المجهر، وأثارت تساؤلات حول طبيعة التأثير الذي يُمكن أن يُحدثه من يقدم محتوى ترفيهيًا متدنيًا، ويعيش حياة بعيدة تمامًا عن القانون أو القيم.
بحسب متابعين ومراقبين، لم تكن هذه المرة الأولى التي يُثار فيها الجدل حول سلوكيات "شاكر محظور"، فقد سبق وأن نشر مقاطع فيديو يظهر فيها وهو يدخن بشكل علني، أو يتحدث عن تجاربه في أماكن مشبوهة، مستخدمًا كلمات خارجة، وهو ما دفع البعض وقتها للمطالبة بحظر حسابه.
كما سبق أن تم حذف عدد من فيديوهاته بواسطة إدارة التيك توك، بعد بلاغات مستخدمين بشأن محتوى مخالف لسياسات المنصة.
ورغم كل ذلك، ظل الحساب نشطًا ويزداد شهرة، في ظل غياب رقابة حقيقية من الجهات المختصة، ما ساهم في تفاقم الظاهرة، حتى وقعت الكارثة.
وفقًا للقانون المصري، يُعد حيازة وتعاطي المواد المخدرة مثل الحشيش والآيس جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة، وقد تصل العقوبة إلى السجن المشدد في حال ثبوت نية الاتجار أو تكرار الجريمة.
أما من الناحية الطبية، فإن مخدر الآيس يُصنّف ضمن أخطر المواد التي تسبب تدميرًا مباشرًا للخلايا العصبية، وتؤدي إلى سلوك عدواني، واضطرابات عقلية، وفقدان السيطرة على الأعصاب.
بينما يُعد الحشيش من المواد المنتشرة بشكل غير قانوني بين بعض الفئات الشبابية، رغم ما يسببه من إدمان نفسي، وفقدان التركيز، وتأثير سلبي على الذاكرة والسلوك العام.
تأتي واقعة "شاكر محظور" في سلسلة من الحوادث المتكررة التي تربط بين مشاهير التيك توك وسلوكيات خارجة عن القانون.
وسبق أن تم القبض على عدد من صناع المحتوى في قضايا تتعلق بخدش الحياء، أو النصب، أو الترويج لأفكار غير أخلاقية، ما جعل البعض يطالب بفرض رقابة مشددة على المنصة، أو حتى إغلاقها مؤقتًا لحين ضبط المحتوى.
ورغم التحديثات التي قامت بها تيك توك مؤخرًا، إلا أن عددًا كبيرًا من الحسابات لا تزال تُقدّم محتوى ضارًا، وتحظى بملايين المشاهدات، دون أي ضوابط واضحة أو رادع قانوني فعال.
في أعقاب الحادث، تعالت الأصوات المطالبة بتشديد العقوبات ضد كل من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لسلوكيات مرفوضة قانونيًا أو أخلاقيًا، خصوصًا من يمتلكون تأثيرًا على فئة المراهقين والشباب.
وطالب آخرون بتفعيل دور المجلس الأعلى للإعلام، ووزارة الداخلية، وهيئة الاتصالات، في مراقبة الحسابات المثيرة للجدل، وسرعة التدخل عند الضرورة، لمنع تفاقم الظاهرة وتكرار النماذج السلبية.
كما دعا متخصصون في علم النفس والاجتماع إلى ضرورة تكثيف التوعية داخل المدارس والجامعات، حول مخاطر تقليد مثل هذه النماذج، وأهمية التفكير النقدي في اختيار القدوة.
مع صدور قرار حبس "شاكر محظور" 4 أيام على ذمة التحقيق، تنتظر النيابة نتائج التحاليل الخاصة بالمواد المخدرة، وكذلك تقرير الأدلة الجنائية بشأن الأدوات المضبوطة.
وقد يتم التجديد له لمدة إضافية إذا ما ثبت التعاطي، أو ثبوت وجود نية للاتجار، وقد تُحال القضية إلى المحكمة لاحقًا.
وفي حال إدانته، من المتوقع أن يواجه عقوبات تصل إلى السجن والغرامة، فضلًا عن شطب حساباته على مواقع التواصل، ومنعه من مزاولة أي نشاط إعلامي.
واقعة القبض على التيك توكر "شاكر محظور" تمثل صفعة قوية لكل من يظن أن الشهرة على مواقع التواصل تعني الحصانة أو الحرية المطلقة. فالقانون فوق الجميع، والمجتمع لم يعُد يحتمل مزيدًا من الانفلات والسلوكيات الشاذة التي تُصدر إلى الشباب باعتبارها "بطولات" أو "ترندات".
الشاشة الصغيرة لا تعكس دائمًا الواقع، والتأثير الحقيقي يبدأ من الالتزام والانضباط. ويبقى الأمل أن تكون هذه الواقعة درسًا وعبرة، ليس فقط لمن يتعاطون المخدرات، بل لكل من يرى في الإنترنت وسيلة للعبث بمستقبل أجيال كاملة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
