يُعتبر الحلف بالله من الأمور الشرعية التي لها مكانة عظيمة في الدين الإسلامي، إذ لا يجوز للمسلم أن يحلف إلا بالله أو بصفة من صفاته. غير أن بعض الناس يكثرون من الحلف في حياتهم اليومية على أمور بسيطة أو كبيرة، حتى صار الحلف عند بعضهم عادة لسانية لا ينتبهون إليها. المشكلة تزداد حين يُخلف المرء يمينه، ولا يقدر على أداء كفارة اليمين، وهنا يثور التساؤل: ما حكم من يكثر الحلف ولا يملك مالًا للكفارة؟
أمين الفتوى بدار الإفتاء أوضح الحكم الشرعي لهذه المسألة الحساسة، مبينًا ضوابط الحلف، وأنواع الأيمان، وما يجب على المسلم فعله إذا عجز عن دفع الكفارة.
اليمين لغةً: القوة أو العهد.
اليمين شرعًا: ربط الإنسان نفسه بما يقوله بتعظيم الله أو باسمه أو صفة من صفاته.
الحلف بالله تعظيم له، لذلك لا يجوز الاستهانة به أو جعله مجرد عادة كلامية.
هو الحلف الذي يجري على اللسان من غير قصد، مثل قول "والله" في معرض الكلام.
لا مؤاخذة فيه ولا كفارة.
هو الحلف الكاذب عن عمد ليقتطع به حقًا أو يبرر باطلًا.
كبيرة من الكبائر ولا كفارة لها إلا التوبة النصوح.
هو الحلف على أمر مستقبل يقصده الإنسان.
إذا أخلفه وجبت الكفارة.
جاء في القرآن الكريم قوله تعالى:
"لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِنْ يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ" [المائدة: 89].
إطعام عشرة مساكين.
أو كسوتهم.
أو تحرير رقبة.
فإن لم يستطع، فصيام ثلاثة أيام.
أوضح أمين الفتوى أن من يكثر من الحلف ويعجز عن الكفارة المالية فعليه الآتي:
التوبة وكثرة الاستغفار: لأن كثرة الحلف منهي عنها.
تجنب الحلف إلا عند الحاجة القصوى.
إذا لم يجد مالًا للكفارة: ينتقل إلى الصيام ثلاثة أيام عن كل يمين حنث فيه.
إذا كان لا يقدر على الصيام لمرض مزمن مثلًا، فيظل الواجب في ذمته حتى يقدر أو يتصدق بما يستطيع عند تيسير الحال.
الإكثار من الحلف يؤدي إلى امتهان اسم الله.
قال تعالى: "وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ" أي لا تكثروا منها.
الأفضل للمسلم أن يبتعد عن الحلف ويستبدله بالصدق المباشر في القول.
كثرة الحلف تعوّد اللسان على الاستهانة بأسماء الله.
الطفل الذي يسمع والده يكثر من الحلف يتعلم منه هذه العادة السيئة.
لذلك يجب تربية النفس على ضبط اللسان، وتعليم الأبناء أن الحلف أمر عظيم لا يُستخدم إلا نادرًا.
اليمين اللغو لا كفارة فيه.
اليمين الغموس لا كفارة له بل التوبة.
اليمين المنعقدة إذا أُخلفت توجب الكفارة.
من لا يقدر على الإطعام أو الكسوة يصوم ثلاثة أيام.
الأفضل اجتناب الحلف الكثير ولو كان صادقًا.
القضية ليست مجرد حكم فقهي، بل هي قضية تربوية وروحية؛ فالحلف بالله يجب أن يبقى في مكانه اللائق به، وألّا يتحول إلى عادة يومية. ومن يكثر من الحلف ثم يعجز عن الكفارة، فإن الله برحمته جعل له بابًا آخر، وهو الصيام ثلاثة أيام، ليبقى العبد مرتبطًا بالطاعة، وليدرك أن الأيمان ليست أمرًا هينًا.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt