أصبح ملف أسعار الوقود في مصر من أكثر الملفات حساسية خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لتأثيره المباشر على تكلفة المعيشة وحياة المواطنين اليومية. ومع ارتباط مصر ببرنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي، يظل موضوع أسعار البنزين والسولار مطروحًا للنقاش مع كل مراجعة للصندوق.
خلال الأسابيع الماضية، طُرح سؤال مهم في الأوساط الاقتصادية والإعلامية: هل تستجيب مصر لطلب الصندوق وترفع أسعار البنزين والسولار الشهر المقبل؟، خاصة في ظل الضغوط المالية وارتفاع فاتورة الدعم مقارنة بموارد الدولة.
ترتبط مصر ببرنامج تمويلي وإصلاحي مع صندوق النقد الدولي يتضمن إجراءات تستهدف خفض عجز الموازنة وتحقيق استدامة مالية. ومن أبرز البنود التي يتابعها الصندوق بشكل دوري:
سياسات الدعم الحكومي.
أسعار الطاقة وربطها بالأسعار العالمية.
تحسين بيئة الاستثمار من خلال تحرير بعض القطاعات.
وبالتالي، فإن ملف المحروقات يُعتبر دائمًا جزءًا من المراجعات الفنية للصندوق، حيث يطالب الأخير بمواءمة الأسعار المحلية مع التكلفة الحقيقية عالميًا.
حتى منتصف سبتمبر 2025، أسعار الوقود في مصر مستقرة وفق قرار لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية:
بنزين 80: 11.00 جنيه للتر.
بنزين 92: 12.50 جنيه للتر.
بنزين 95: 13.50 جنيه للتر.
السولار: 10.00 جنيه للتر.
هذه الأسعار تعكس آخر تعديل تم إقراره في يوليو الماضي، وسط تأكيد رسمي أن اللجنة تراجع الأسعار كل ثلاثة أشهر وفقًا لآلية تتضمن تكلفة الاستيراد، أسعار النفط عالميًا، وسعر صرف الدولار.
توجد عدة سيناريوهات أمام الحكومة المصرية:
الاستجابة الكاملة: رفع أسعار البنزين والسولار بنسب ملحوظة لتلبية شروط الصندوق.
الاستجابة الجزئية: الاكتفاء برفع محدود لأسعار بعض المنتجات دون الأخرى، مثل البنزين 95 الأقل استهلاكًا.
التأجيل: تأجيل الزيادة إلى ما بعد نهاية العام لتخفيف الضغط على الشارع المصري خاصة مع بداية العام الدراسي وزيادة الإنفاق الأسري.
خفض عجز الموازنة عبر تقليل فاتورة دعم الوقود.
زيادة موارد الدولة الموجهة لبرامج الدعم النقدي مثل "تكافل وكرامة".
تحسين صورة الاقتصاد أمام المؤسسات الدولية عبر الالتزام بتوصيات الصندوق.
سائق ميكروباص: "لو السولار زاد، هاضطر أرفع الأجرة ومش هعرف أتحمل التكلفة لوحدي."
ربة منزل: "الزيادات المتكررة بتخلي كل حاجة تغلى حتى لو بسيطة."
شاب موظف: "نفسي الدولة تلاقي حل وسط ما بين الصندوق والمواطن."
خبير اقتصادي: يتوقع رفعًا جزئيًا للأسعار بنسبة محدودة لعدم إحداث صدمة اجتماعية.
محلل مالي: يرى أن الدولة ستوازن بين مطالب الصندوق وضغوط المواطنين عبر زيادات تدريجية.
أستاذ جامعي: يعتقد أن الاستمرار في سياسة الدعم الانتقائي هو الحل الأمثل في الفترة الحالية.
خلال السنوات الماضية، اتبعت الحكومة سياسة الرفع التدريجي لأسعار الوقود مع كل مراجعة دورية.
في بعض الأوقات، جرى تثبيت الأسعار لعدة أشهر حفاظًا على استقرار السوق رغم ارتفاع النفط عالميًا.
هذه السياسة ساعدت في تقليل الصدمات، لكنها لم تُنهِ بالكامل الدعم الموجه للوقود.
من المتوقع أن تجتمع لجنة التسعير التلقائي في مطلع أكتوبر المقبل لاتخاذ قرارها الجديد، وسط ترقب من الشارع المصري والمستثمرين.
بعض التحليلات تشير إلى احتمال رفع أسعار البنزين بنسب طفيفة.
في المقابل، قد يتم تثبيت سعر السولار لاعتباره أكثر ارتباطًا بالنقل والسلع الأساسية.
كل السيناريوهات ستظل مرتبطة بمدى الضغوط المالية التي تواجهها الدولة وأسعار النفط عالميًا.
الجدل الدائر حول أسعار البنزين والسولار في مصر لا ينفصل عن برنامج الإصلاح الاقتصادي المرتبط بصندوق النقد الدولي. وبين مطالب الصندوق بزيادة الأسعار وتخوفات الشارع من موجة غلاء جديدة، تسعى الحكومة لإيجاد صيغة توازن تحفظ الاستقرار الاجتماعي وتدعم في الوقت نفسه موقفها المالي.
القرار المنتظر الشهر المقبل سيحدد إلى أي مدى تستطيع الدولة التوفيق بين الضغوط الدولية والاعتبارات المحلية، خاصة أن أي تعديل في أسعار الوقود يترك بصمة فورية على حياة المواطن واقتصاد السوق بأكمله.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt