أعلنت السلطات المصرية مؤخرًا عن إصدار ضوابط تنظيمية جديدة لمنصة "تيك توك" داخل البلاد، تهدف إلى ضبط المحتوى المُنشر على المنصة بما يتوافق مع القيم الأسرية والمجتمعية المصرية. يأتي هذا التحرك في فترة يشهد فيها العالم انتشارًا غير مسبوق للفيديوهات القصيرة والتحديات عبر المنصات الرقمية، ما أثار حيرة المجتمع حول الحدود التي يجب وضعها لحماية الهوية والقيم دون الدخول في رقابة صارمة على حرية التعبير.
وجاءت الضوابط بعد عدة جولات من التشاور بين وزارة الإعلام، وزارة الشباب، هيئة الإعلام واتحاد مقدمي خدمات الاتصالات، لتحديد آليات واضحة تحكم محتوى تيك توك، خاصة مع انتشار ظاهرة الفيديوهات المسيئة، والمحتويات التي تتضمن مشاهد غير لائقة أو استغلالًا للأطفال لأغراض الربح. هذه الضوابط تنص على مجموعة من القواعد القانونية والمحتوى المسموح به، وتفرض عقوبات على المخالفين، وتحدد إحداثيات إدارة المنصة داخل مصر.
تشترط الضوابط أن يكون عمر المستخدم لا يقل عن 13 عامًا لتسجيل الحساب، مع اشتراط موافقة ولي الأمر للفئة بين 13 و17 سنة.
وتشمل الفيديوهات التي تتضمن:
مشاهد عارية أو شبه عارية.
ترويج العنف أو الإيذاء.
مشاهد الإساءة للآداب العامة.
المحتوى المتعلق بالمخدرات أو الأنشطة غير القانونية.
يُشترط موافقة رسمية على البث المباشر من إدارة العمليات داخل مصر.
يجب ألا تتجاوز مدة البث 60 دقيقة معيّنة.
يتابع فريق رقابة محتوى محلي البث لإيقافه فورًا في حالة مخالفة.
أتاحت الضوابط 3 قنوات رسمية للإبلاغ:
من خلال وحدة تابعة لوزارة الإعلام.
عبر تطبيق رسمي لمكتبة الفيديوهات.
رسائل قصيرة موثقة تصل لجهاز الإعلامي.
تنص الضوابط على:
إزالة المحتوى خلال 24 ساعة من الإبلاغ.
خصم الإنذارات التراكمية وإغلاق الحساب فوريًا بعد 3 إنذارات.
غرامة مالية تتراوح بين 50 ألفًا ومليون جنيه عند التكرار.
تحويل المتجاوزين للنيابة العامة أو النيابة الاقتصادية عند شكوى التنظيم المشدد.
تم تشكيل فريق رقابي مشترك من:
وزارة الإعلام: الجهة التنفيذية والقانونية.
وزارة الاتصالات: جهة تقنيات الإنفاذ الفني.
الهيئة الوطنية للإعلام: جهة الرقابة على المحتوى الإعلامي.
اتحاد مقدمي خدمات الاتصالات: جهة تطبيق ميداني في الشبكات.
وقد تم تحديد مكاتب مرجعية في كل محافظة لتلقي البلاغات ومتابعة تنفيذ القرارات.
يتوجب عليهم استيفاء شروط خاصة مثل التحقق من الهوية، وموافقة عقدية مع المنصة، وعدم نشر محتوى يتجاوز الحدود الثقافية أو الدينية للمجتمع.
سيشاهدون محتوى أكثر تقييدًا لكن محميًا، خاصة عند تصفح فيديوهات الأطفال أو المحتوى الترفيهي، مما يحمي عقول الفئات الصغيرة من الانكشاف غير المناسب.
سيلزمهم إعداد إعلانات متوافقة مع القيم، ولم يسبق أن سُمح بإشهار منتجات ممنوعة أو غير مرخصة، وإلا تحدّوا عقوبات نقدية صارمة.
مع حدوث الرقابة، لا يعني ذلك حظر كل محتوى على تيك توك. بل حُدد المحتوى الإيجابي المسموح به مثل:
تعليم الطبخ أو علمية المنزلة.
المشاهد الثقافية والتراث الشعبي المصري.
الفيديوهات التربوية للأطفال (مع تحديد العمر).
عروض موسيقية أو محتوى فنّي خالٍ من أي تجاوز.
هذه المواد تبقى مسموحة ومشددة المراقبة، طالما لا تنتهك الذوق العام أو حقوق المجتمع.
مصر ليست الوحيدة التي اتخذت هذه الخطوة؛ ففي دول مثل فرنسا وتركيا واليابان صدرت ضوابط رقابية تحدد سن المستخدم وتنظم البث الحي، وتفرض رقابة مسبقة على المحتوى الحسّاس. الاختلاف أن الضوابط المصرية تأخذ في اعتبارها قيم الهوية الدينية والثقافية، وتضع مستويات رقابة متدرجة للمحافظات المحلية.
تدريب فرق الرقابة بكفاءات عالية في تفسير المحتوى وتقييمه.
تكامل المنصة مع نظام الإبلاغ الحكومي لتسهيل الإزالة الفورية.
حملات توعية للمستخدمين عن الحقوق والواجبات في التفاعل الرقمي.
متابعة وتحديث دوري للضوابط مع تطور المشهد الرقمي.
من خلال التنفيذ المتكامل للمراقبة والتعليم، يرتفع مستوى الالتزام، ويقل المحتوى المشبوه، وتجد المنصة بيئة رقمية صحّية ذات محتوى إبداعي ومقروء قانونيًا.
إذا أخفقت الجهات المراقبة في التنفيذ الفعلي، فقد تتكرر حالات التجاوزات، مما يتسبب في إصدار قرارات مشددة أكثر أو حتى حظر مؤقت للمنصة.
ضوابط "تيك توك" الجديدة تمثل نقطة تحول في العلاقة بين مواطني العصر الرقمي والرقابة القانونية في مصر، وتعد اختبارًا حقيقيًا لمدى التوفيق بين الانفتاح الرقمي وحماية القيم. إن التوازن بين حرية التعبير والحفاظ على الأخلاق العامة هو التحدي الأكبر، والمفتاح يكمن في التوعية القانونية والتنفيذ الجاد، والحوار المتواصل بين السلطات والمجتمع لضمان بيئة رقمية آمنة ومثمرة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt