تعيش الساحة العقارية في مصر حالة من الحراك الكبير مع اقتراب غلق باب الحجز لوحدات مشروع «سكن لكل المصريين 7»، المخصص لمتوسطي الدخل. هذا المشروع يمثل واحدًا من أهم الطروحات السكنية التي أطلقتها وزارة الإسكان وصندوق الإسكان الاجتماعي في السنوات الأخيرة، إذ يجمع بين دعم الدولة للمواطنين من جهة، وتوسيع الرقعة العمرانية وتحقيق العدالة الاجتماعية من جهة أخرى.
وبينما تتسابق آلاف الأسر المصرية للحاق بموعد الحجز الأخير، يتجدد الجدل حول مستقبل المبادرة وأثرها على سوق العقارات، وكذلك حول قدرة الدولة على تلبية الطلب المتزايد على وحدات الإسكان الاجتماعي.
أطلقت الدولة المصرية مشروع «سكن لكل المصريين» كجزء من مبادرة قومية أوسع تهدف إلى معالجة أزمة السكن وتوفير وحدات بأسعار مناسبة لمحدودي ومتوسطي الدخل. ومنذ بدايته، عُدّ المشروع ركيزة أساسية في خطة الحكومة لتقليل الفجوة بين العرض والطلب، خاصة مع ارتفاع أسعار العقارات خلال العقد الأخير.
الأهداف الرئيسية للمشروع يمكن تلخيصها في:
تمكين الفئات الأكثر احتياجًا من الحصول على سكن ملائم.
دعم متوسطي الدخل الذين يعانون من ضغوط السوق الحر.
إعادة توزيع الكثافة السكانية عبر المدن الجديدة.
المساهمة في تنشيط قطاع المقاولات وتوفير فرص عمل.
شهدت المبادرة عدة مراحل ناجحة:
سكن لكل المصريين 1 و2: ركزت على محدودي الدخل، وحققت نسب إشغال مرتفعة.
سكن لكل المصريين 3 و4: استهدفت التوسع في المدن الجديدة مثل أكتوبر الجديدة وحدائق العاصمة.
سكن لكل المصريين 5 و6: بدأت الدولة إدخال وحدات لمتوسطي الدخل بمساحات أكبر وأسعار أعلى قليلًا، لكنها ما زالت أقل من السوق.
هذه المراحل أظهرت بوضوح أن هناك طلبًا هائلًا من شريحة متوسطي الدخل، ما دفع الحكومة إلى تخصيص المرحلة السابعة بالكامل لهم تقريبًا.
الوحدات المطروحة في هذه المرحلة تتميز بعدة نقاط جوهرية:
المساحات: من 75 مترًا وحتى 120 مترًا.
التشطيب: كامل وجاهز للسكن.
المواقع: تشمل مدن أكتوبر الجديدة، العاشر من رمضان، المنصورة الجديدة، حدائق العاصمة، العلمين الجديدة.
الأسعار: مدعومة مقارنة بالسوق، مع إمكانية السداد حتى 20 عامًا.
هذا التنوع في المواقع يمنح المتقدمين فرصة اختيار مكان يتناسب مع ظروف عملهم ودراستهم، بينما يمثل نظام السداد المرن عنصر جذب أساسي.
أعلنت وزارة الإسكان أن باب الحجز سيُغلق خلال أيام قليلة، لتبدأ بعدها مراحل الفرز والتخصيص. وشددت الوزارة على أن المواعيد نهائية، ولن يتم التمديد إلا إذا استدعت الضرورة، وذلك لضمان جدية التقديم وتنظيم العملية.
حرصت الوزارة على جعل إجراءات التقديم إلكترونية بالكامل:
التسجيل على موقع صندوق الإسكان الاجتماعي.
رفع المستندات المطلوبة.
دفع مقدم جدية الحجز عبر البنوك المتعاقدة.
انتظار رسالة تأكيد الحجز.
النظام الإلكتروني ساهم في تقليل التكدس أمام المكاتب، وزيادة الشفافية في عملية الاختيار.
المقدم يتراوح بين 10% و15% من سعر الوحدة.
الأقساط تمتد حتى 20 عامًا بنظام التمويل العقاري المدعوم من البنك المركزي.
الفائدة مدعومة لتقليل العبء على المواطنين.
هذه الآلية تجعل المشروع في متناول قطاع واسع من الأسر المصرية، خاصة الموظفين وأصحاب الأعمال الصغيرة.
على الرغم من النجاحات الكبيرة، إلا أن هناك تحديات بارزة:
ارتفاع أسعار مواد البناء عالميًا.
الضغط الكبير من أعداد المتقدمين مقارنة بعدد الوحدات المتاحة.
الحاجة لتوفير وسائل نقل وخدمات في المدن الجديدة.
الوزارة أكدت أنها تعمل على مواجهة هذه التحديات عبر التوسع في إنشاء بنية تحتية وخدمات متكاملة.
«سكن لكل المصريين» لا يُعتبر مجرد مشروع عقاري، بل هو مشروع اجتماعي قومي:
يمنح الأسر الاستقرار ويعزز الروابط المجتمعية.
يساعد الشباب المقبل على الزواج في الحصول على مسكن.
يساهم في الحد من الهجرة الداخلية إلى العشوائيات.
القصص الإنسانية للمستفيدين تعكس أهمية المشروع، حيث تحدث بعضهم عن تحقيق حلم امتلاك شقة بعد سنوات من المعاناة في الإيجار.
يرى خبراء أن المشروع ساهم في ضبط أسعار السوق إلى حد ما، إذ وفر بديلًا مناسبًا لفئة متوسطي الدخل، ما خفّف من الضغوط على السوق الخاص.
في المقابل، يرى آخرون أن المنافسة بين الدولة والقطاع الخاص قد تدفع الشركات الخاصة إلى تقديم عروض أكثر مرونة لجذب العملاء.
من خلال متابعة ردود الفعل على الطرح الجديد، يمكن رصد اتجاهات واضحة:
حماس كبير من شريحة الشباب والأسر الصغيرة.
بعض القلق من صعوبة الحصول على وحدة نظرًا للإقبال الكبير.
ارتياح عام من وجود دعم حكومي يغطي جزءًا من التكلفة.
المشروع يحقق مكاسب اقتصادية مباشرة وغير مباشرة:
تنشيط قطاع المقاولات وتوفير فرص عمل.
زيادة الطلب على الصناعات المرتبطة بالبناء مثل السيراميك والأخشاب.
دفع حركة العمران والتوسع في المدن الجديدة.
يتوقع خبراء أن تستمر الطروحات في السنوات المقبلة مع زيادة التركيز على المدن الجديدة، وربما توسع الحكومة في الشراكات مع القطاع الخاص لتلبية الطلب المتزايد.
مع اقتراب غلق باب الحجز، يبقى مشروع «سكن لكل المصريين 7» علامة فارقة في السياسة الإسكانية المصرية، إذ يمنح متوسطي الدخل فرصة حقيقية لامتلاك وحدة سكنية بتسهيلات غير مسبوقة.
الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة للراغبين في الاستفادة من هذه الفرصة، ليظل المشروع تجسيدًا لحرص الدولة على العدالة الاجتماعية وتحقيق الاستقرار الأسري.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
