تُعد متلازمة حرقة الفم واحدة من الحالات الطبية الغامضة نسبيًا والتي قد تصيب بعض الأشخاص بشكل مفاجئ، حيث يشعر المريض بحرقة أو لسعة مؤلمة داخل الفم دون وجود سبب واضح عند الفحص السريري. هذه الحالة قد تكون مزمنة وتؤثر بشكل كبير على نوعية حياة المريض، نظرًا لأنها تتداخل مع الأكل والشرب وحتى الراحة اليومية.
الأطباء صنفوا هذه المتلازمة على أنها اضطراب عصبي حسي قد يرتبط بعوامل متعددة تشمل نقص بعض الفيتامينات، أو التغيرات الهرمونية، أو التوتر النفسي. وتكمن صعوبة التشخيص في أن الأعراض لا تكون مرتبطة دائمًا بخلل ظاهر في الفم أو الأسنان.
الاهتمام بمتلازمة حرقة الفم يزداد مع الوقت، نظرًا لتزايد الحالات التي يتم رصدها عالميًا، إلى جانب محاولات الأطباء المستمرة لفهم آليات حدوثها ووضع بروتوكولات علاجية أكثر وضوحًا. ويمكنك متابعة المزيد من الأخبار العالمية والرياضية عبر موقع ميكسات فور يو.
الأطباء حددوا خمسة أعراض رئيسية متكررة بين المصابين، وتشكل العلامات الأبرز للمتلازمة:
شعور بحرقة أو لسعة في الفم: غالبًا في اللسان، لكنه قد يمتد إلى الشفتين أو سقف الحلق.
جفاف الفم: إحساس غير مبرر بالعطش أو نقص اللعاب.
تغيرات في التذوق: مثل مرارة أو طعم معدني مستمر.
تنميل أو وخز في الفم: قد يزداد مع مرور اليوم.
صعوبة في البلع أو التحدث: نتيجة الشعور المستمر بعدم الراحة.
هذه الأعراض قد تظهر منفردة أو مجتمعة، وقد تكون متقطعة أو مستمرة بشكل يومي، مما يجعل المريض في حالة من الانزعاج الدائم.
حتى الآن لا يوجد سبب محدد وواضح لحرقة الفم، لكن الدراسات تشير إلى مجموعة من العوامل التي قد تساهم في ظهورها:
نقص الفيتامينات: خاصة فيتامين ب12، والحديد، وحمض الفوليك.
التغيرات الهرمونية: مثل مرحلة ما بعد انقطاع الطمث عند النساء.
الاضطرابات العصبية: حيث قد يكون هناك خلل في نقل الإشارات العصبية المسؤولة عن الإحساس في الفم.
التحسس الغذائي: تجاه بعض الأطعمة أو المواد المضافة.
التوتر والقلق: الحالات النفسية تلعب دورًا مهمًا في زيادة شدة الأعراض.
تشخيص متلازمة حرقة الفم ليس بالأمر السهل، إذ لا يظهر الفم أي علامات ظاهرة للالتهاب أو العدوى. لذلك يعتمد الأطباء على:
التاريخ المرضي المفصل: لمعرفة بداية الأعراض ومدتها.
الفحص الإكلينيكي: لاستبعاد الأمراض الأخرى مثل القلاع الفموي أو التهابات اللثة.
تحاليل الدم: للكشف عن نقص الفيتامينات أو المعادن.
اختبارات التحسس: لمعرفة إذا ما كان المريض يعاني من حساسية تجاه مواد معينة.
غالبًا ما يكون التشخيص عبارة عن استبعاد للأمراض الأخرى قبل تأكيد الإصابة بمتلازمة حرقة الفم.
رغم صعوبة الحالة، إلا أن هناك عدة طرق علاجية قد تساعد على تقليل الأعراض:
المكملات الغذائية: في حال كان السبب مرتبطًا بنقص الفيتامينات أو المعادن.
الأدوية المضادة للاكتئاب أو القلق: بجرعات منخفضة لتقليل شدة الألم العصبي.
غسولات الفم الطبية: التي تحتوي على مكونات مهدئة أو مضادة للبكتيريا.
العلاج السلوكي المعرفي: لمساعدة المرضى على التعامل مع التوتر والضغط النفسي.
تجنب الأطعمة المهيجة: مثل الأطعمة الحارة أو الحمضية أو الكحوليات.
الاستجابة للعلاج تختلف من شخص لآخر، وغالبًا ما يحتاج المريض إلى متابعة طويلة المدى مع الطبيب.
حرقة الفم ليست مجرد عرض بسيط، بل هي حالة مزمنة قد تؤثر على جميع تفاصيل حياة المريض:
صعوبة في الاستمتاع بالطعام والشراب.
اضطرابات في النوم بسبب الألم المستمر.
فقدان الوزن نتيجة تجنب الأكل.
شعور بالإحباط والقلق الدائم.
ولهذا، فإن التدخل المبكر والتشخيص الصحيح يعدان من أهم الخطوات لتقليل الآثار السلبية على حياة المرضى.
تشير الإحصائيات إلى أن متلازمة حرقة الفم أكثر شيوعًا بين النساء فوق سن الخمسين، لكنها قد تصيب الرجال أيضًا وإن بنسبة أقل. كما أن نسبة الانتشار عالميًا تتراوح بين 1% إلى 5% من السكان، وهو ما يجعلها ليست نادرة لكنها أيضًا ليست من الحالات الشائعة جدًا.
الأبحاث الطبية لا تزال مستمرة لفهم الآليات الدقيقة وراء هذه المتلازمة، مع اتجاه بعض المراكز البحثية إلى دراسة العلاقة بين الجهاز العصبي المركزي وبين الأعراض الفموية. ومن المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة بروتوكولات علاجية أكثر تخصصًا تساعد في تحسين جودة حياة المرضى بشكل كبير.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt
