تواصل السلطات المصرية خطواتها في ضبط سلوكيات بعض صُنّاع المحتوى، بعد تزايد الشكاوى حول انتهاكهم للآداب العامة، أو التربح غير المشروع، أو تقديم محتوى مضلل يُسيء للمجتمع والقيم. وفي تطور جديد، تستعد الجهات المختصة خلال ساعات لاتخاذ إجراءات قانونية بحق 11 "بلوجر" جديد في مصر، بعد رصد وتوثيق مخالفات متنوعة نُسبت إليهم عبر منصات التواصل.
التحركات الأخيرة تأتي في إطار حملة منظمة لمحاصرة الفوضى الرقمية التي باتت تؤثر على شريحة كبيرة من الشباب، وتزرع مفاهيم مغلوطة حول الشهرة والنجاح، وتدفع البعض لتقليد سلوكيات غير لائقة أملاً في "الترند" و"المشاهدات".
في هذا التقرير، نرصد أبرز تفاصيل القضية، ونحلل الظاهرة الأوسع المتمثلة في صعود نُجوم من منصات مثل تيك توك وإنستجرام دون أي ضوابط مهنية، مع استعراض أوجه المخالفات، وتحليل أبعاد القضية مجتمعيًا وإعلاميًا.
خلال الساعات المقبلة، يُنتظر أن تبدأ جهات التحقيق في استدعاء أو ضبط 11 من صناع المحتوى، بعضهم معروف ولديه آلاف المتابعين، وبعضهم ظهر مؤخرًا لكنه أثار جدلًا واسعًا.
المعلومات الأولية تشير إلى أن المخالفات التي تم توثيقها بحق هؤلاء البلوجرز تتراوح بين:
نشر محتوى خادش للحياء
تصوير أشخاص دون إذن
التربح من منصات التواصل دون ترخيص
الترويج لأفكار هدامة أو سلوكيات منحرفة
استغلال الأطفال في الفيديوهات
إثارة الفتن وبث الشائعات
التحقيقات ستبدأ بمراجعة المحتوى المنشور على حسابات هؤلاء خلال الأشهر الأخيرة، وطلب تحريات من الجهات المعنية حول مصادر الدخل، وأي نشاط يتعارض مع القانون.
يبدو أن الأجهزة المعنية قررت أخيرًا وضع حد لحالة الانفلات الرقمي، خاصة بعد أن تحولت بعض الحسابات إلى منصات للابتزاز، أو بث العنف، أو عرض مشاهد مسيئة دون رقابة.
الفرق الآن هو وجود إرادة حقيقية للضبط، مدعومة بشكاوى رسمية من المواطنين، وتحركات من النيابة، وتحديثات قانونية أبرزها:
تشديد العقوبات في قانون الجرائم الإلكترونية
وضع آليات لضبط التربح من السوشيال ميديا
تفعيل دور المجلس الأعلى للإعلام في مراقبة المحتوى الرقمي
التنسيق بين وزارة الداخلية وهيئة الاتصالات لملاحقة المخالفين
هذا الإطار القانوني الجديد يُتيح تحركًا أكثر قوة وسرعة ضد من يخرق القواعد، ويستخدم الإنترنت كمنصة للتشهير أو الإساءة أو التربح المخالف.
رغم عدم إعلان أسماء المتهمين رسميًا حتى لحظة كتابة هذا التقرير، فإن بعض التسريبات تشير إلى تورط عدد من الأسماء المعروفة على تيك توك وإنستجرام ويوتيوب، منهم من سبق التحذير من محتواهم من قِبل الجمهور، ومنهم من تم حذف بعض منشوراته بالفعل.
كما تشمل القائمة بلوجرز يُقيمون في محافظات خارج القاهرة، حيث رُصدت فيديوهات تروّج لأفكار عنيفة، أو مشاهد تمثيلية تتضمن إيحاءات مسيئة.
وينتظر أن يتم الإعلان عن التفاصيل الكاملة فور صدور قرارات الضبط أو الإحالة إلى النيابة.
بحسب القانون المصري، هناك عدة مواد يُمكن تطبيقها على صناع المحتوى المخالفين، ومنها:
التحريض على الفسق والفجور
خدش الحياء العام
استغلال الأطفال
بث محتوى مضلل
انتهاك خصوصية الغير
نشر أخبار كاذبة
التربح من دون ترخيص أو ملف ضريبي
وتتراوح العقوبات بين الغرامة، والحبس، ومصادرة الأجهزة، وإغلاق الحسابات، بل وأحيانًا السجن المشدد إذا اقترنت التهم باستغلال قُصّر أو النصب.
الخط الفاصل بين تقديم محتوى ترفيهي أو إعلامي محترم، وبين الوقوع في فخ الجرائم الرقمية، قد يكون بسيطًا جدًا. ومع غياب الوعي بالقانون، ووجود دافع مادي قوي لتحقيق المشاهدات، يسقط البعض في دائرة الانتهاك، ومنها:
البحث عن "الترند" بأي وسيلة
تصوير مشاهد تمثيلية فيها عنف أو إيحاء
الترويج لأدوية أو منتجات مجهولة
استغلال الأطفال في مشاهد كوميدية مسيئة
السخرية من فئات مجتمعية معينة
وهنا، يتحول صاحب المحتوى من شخص مؤثر إلى شخص خارج عن القانون دون أن يدرك.
في الفترة الأخيرة، أصبح الجمهور طرفًا فاعلًا في ضبط السوشيال ميديا، حيث لعبت البلاغات الجماعية، والتقارير المرسلة إلى النيابة، دورًا كبيرًا في إغلاق حسابات كثيرة والقبض على عدد من صناع المحتوى.
فالجمهور بات أكثر وعيًا بأن ما يُشاهد عبر الهاتف قد يُؤثر على أطفاله أو بيئته، وبالتالي أصبح يُمارس دورًا رقابيًا مهمًا، إلى جانب السلطات الرسمية.
جاء الإعلان عن قرب محاسبة 11 بلوجر جديد بردود فعل واسعة عبر المنصات، بين مؤيد ومطالب بتوسيع الحملة، وبين آخرين يرون أن بعض التحركات يجب أن تُراعي حرية التعبير.
لكن الاتجاه الغالب في الشارع المصري يُرحب بوجود ضوابط، ويؤكد أن محاسبة المسيئين لا تعني قمع الإبداع، بل هي وسيلة لحماية القيم، وضمان احترام الذوق العام.
من غير المتوقع أن تنتهي هذه الظاهرة بين يوم وليلة، فالسوشيال ميديا مفتوحة، وكل يوم يظهر وجه جديد. لكن التحركات الجادة من الدولة تبعث برسالة واضحة: "لا حصانة لأحد، والإنترنت ليس خارج القانون."
المطلوب الآن هو وضع نظام رقابي مستمر، وتشريعات أكثر وضوحًا، وتحقيق توازن بين حرية التعبير والمسؤولية المجتمعية.
ويبقى الأمل أن تكون هذه البداية لحقبة جديدة من الوعي والمسؤولية، حيث تُصبح الشهرة نتيجة للمحتوى الجيد، لا الانحراف والانتهاك.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt