في ظل الجدل المتصاعد حول ملف الإيجار القديم في مصر، وما يشهده من تطورات ومقترحات للتعديل أو التنظيم، جاءت تصريحات حكومية رسمية تتضمن 12 رسالة واضحة لطمأنة المواطنين، سواء من الملاك أو المستأجرين، تؤكد فيها الدولة حرصها على تحقيق التوازن العادل بين الطرفين دون الإضرار بأي فئة.
هذا الملف الذي ظل شائكًا لسنوات، أصبح الآن على طاولة النقاش المجتمعي والمؤسسي، وسط حرص الحكومة على وضع حلول تحفظ حقوق الجميع. وفي هذا السياق، نستعرض أبرز الرسائل الحكومية التي تهدف إلى توضيح الرؤية للمواطنين.
أكدت الجهات المعنية أن أي تعديل في قوانين الإيجارات القديمة لن يتم بشكل مفاجئ أو دون دراسة كافية، مشددة على أن الإصلاح سيكون تدريجيًا وعبر مراحل واضحة تراعي البُعد الاجتماعي.
أوضحت التصريحات أن الدولة لن تسمح بإخراج المواطنين من منازلهم بشكل تعسفي، بل ستضع حلولًا تضمن استمرارهم في السكن الآمن مع ضمان حقوق الملاك أيضًا.
من بين الرسائل الأساسية، تعهد الحكومة بتوفير بدائل عادلة للطرفين، سواء من حيث توفير مساكن بديلة أو صياغة عقود جديدة تضمن حماية المستأجر من الإخلاء المفاجئ.
الملف لا يُناقش بمعزل عن الاعتبارات الاجتماعية، فقد أشارت الحكومة إلى أن هناك مراعاة كاملة لظروف الأسر البسيطة والمتقاعدين وأصحاب الدخول المحدودة.
أحد المحاور التي يتم دراستها حاليًا هو تصنيف الوحدات الخاضعة للإيجار القديم إلى وحدات سكنية وتجارية وإدارية، بحيث يتم التعامل مع كل نوع وفق اعتبارات اقتصادية واجتماعية مختلفة.
الحكومة أعلنت أنها بدأت في إعداد قاعدة بيانات متكاملة للوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم، بهدف تسهيل اتخاذ قرارات دقيقة تعتمد على أرقام وإحصائيات واقعية.
أوضحت الجهات التشريعية أن أي تغيير في القانون لن يتم دون إجراء حوار مجتمعي واسع يضم ممثلين عن الملاك والمستأجرين وخبراء في المجال العقاري والاجتماعي.
طمأنت الدولة المستأجرين بأن أي قانون جديد لن يتم تطبيقه بأثر رجعي على العقود القديمة، بل سيُطبق من تاريخ صدوره، مع فترات انتقالية كافية للتنفيذ.
ضمن الحلول طويلة المدى، أشارت الحكومة إلى أن التوسع في بناء مساكن جديدة ضمن مشروعات "سكن لكل المصريين" و"الأسمرات" وغيرها، سيساعد في توفير خيارات سكنية بديلة مستقبلاً.
من بين التوجهات الحكومية أيضًا، وضع معايير لضبط الوحدات غير المستغلة أو التي يتم استغلالها في غير غرض السكن، وفرض ضوابط لإعادة استخدامها بالشكل الأمثل.
في حال صدور قانون جديد ينظم العلاقة الإيجارية، سيتم تحديد نسب زيادة تدريجية في القيمة الإيجارية، وليس تطبيق الزيادة بشكل مفاجئ، حتى لا تُشكل عبئًا على المستأجرين.
أخطر ما يشغل بال المواطنين هو القلق من فقدان مساكنهم، وهنا جاءت الرسالة الحاسمة من الحكومة: "لن يُطرد أحد من بيته"، بل سيتم تطبيق الإصلاح من خلال حلول تراعي الاستقرار الاجتماعي.
الحكومة، بالتعاون مع البرلمان، تعمل على وضع تصور جديد ينظم العلاقة الإيجارية بشكل متوازن، وقد تشمل أبرز الملامح ما يلي:
توحيد العقود الإيجارية بنظام الإيجار المُحدد المدة.
تطبيق زيادات تدريجية في القيمة الإيجارية على مدى زمني محدد.
توفير إعفاءات لبعض الفئات غير القادرة.
إصدار كود عقاري ينظم العلاقة بين الطرفين بشكل أكثر دقة.
رغم محاولات الطمأنة، لا يزال هناك انقسام بين فئات المجتمع حول هذا الملف:
الملاك يطالبون بتحرير العلاقة الإيجارية بالكامل، باعتبار أن قيمة الإيجارات الحالية لا تتناسب مع تكلفة المعيشة أو أسعار العقارات الحالية.
المستأجرون يخشون من التهديد بفقدان مساكنهم التي يعيشون فيها منذ عقود، ويطالبون ببدائل حقيقية قبل إصدار أي قوانين جديدة.
يرى عدد من خبراء الاقتصاد والعقار أن:
القانون الجديد يجب أن يراعي عدالة التوزيع في السوق العقاري.
هناك ضرورة لفصل الحالات الاجتماعية عن الوحدات التجارية أو الإدارية.
يجب دعم محدودي الدخل في حال تطبيق أي زيادات في الإيجار.
اللجنة المختصة في مجلس النواب تعمل حاليًا على إعداد مسودة قانون جديد بالتعاون مع الحكومة، ومن المنتظر طرحه للحوار المجتمعي خلال دور الانعقاد المقبل.
رغم عدم تحديد موعد نهائي، تشير المؤشرات إلى أن القانون الجديد قد يصدر خلال العام القادم، بعد استكمال الدراسات اللازمة وضمان توافق مجتمعي.
يبقى ملف الإيجار القديم أحد أكثر الملفات العقارية حساسية، يتطلب توازنًا دقيقًا بين حقوق الملاك واحتياجات المستأجرين. وبين الترقب الحذر من الطرفين، تتقدم الحكومة برسائل طمأنة تسعى من خلالها لتجنب أي صدامات مجتمعية وتحقيق العدالة العقارية المنشودة.
جميع الحقوق محفوظة 2024 © | MedMarkt